حديثنا هذه المرة عن موضوع شديد الشهرة واسع الإنتشار يعرفه الصغير قبل الكبير وربما كانت كثرة انتشاره سبباً في إستخفاف الناس به بالرغم من شدته التي قد تصل في بعض الحالات الي مضاعفات خطيرة جدا قد تهدد حياة الانسان نفسها حديثنا هذه المرة عن المرض السهل والصعب في أن واحد عن الالتهاب الحاد بالزائدة الدودية.

ما هى الزائدة الدودية؟

الزائدة الدودية هى عضو انبوبي رفيع يبرز من اول اجزاء القولون او ما يعرف باسم (الأعور) في الجانب الأيمن من الجزء السفلي من البطن يتراوح طوله ما بين ٢سم و ٢٠ سم لذا فهو شبيه بالفعل بالدودة ومن هنا جاءت تسميته بهذا الإسم .

 

pd

 

اما من الناحية الفسيولوجية فنجد ان الزائدة الدودية هي عضو غير معلوم الوظيفة ربما كان لها دور مناعي ضئيل ومساعدة في تخلص الجسم من المخلفات الضارة بسبب إحتواء انسجتها علي انسجة ليمفاوية ولكن هذه النظرية لم تثبت صحتها.

وبالنسبة للمؤيدين والباحثين في نظرية التطور فهم يعتقدون ان الزائدة الدودية كانت في يوم ما هي العضو المختص بهضم السليلوز في الطعام عندما كان الانسان البدائي يتغذى علي الحشائش واوراق الأشجار ثم مع تطور الانسان وتنوع مصادر الغذاء وعدم حاجته لأكل مثل هذه الاشياء اصبحت الزائدة عضو غير عامل مما ادي الي ضمورها ويستندون في توجههم هذا لأمرين الاول هو انه لا يوجد في جسم الانسان المعاصر اي عضو يختص بهضم السليلوز وثانيا ان بعض الحيوانات خاصة التي تتغذي علي الحشائش لديهم زائدة دودية عاملة وفعالة وبالفعل تقوم بهضم السليلوز.

ما هى اسباب إلتهاب الزائدة الدودية؟

الاسباب التي تؤدى الى التهاب الزائدة الدودية تنقسم الي قسمين:

القسم الاول هو القسم الإنسدادي

وفيه يحدث التهاب بالزائدة بسبب انسداد التجويف الداخلي لأنبوبتها مما يتسبب في تجمع الافرازات بداخلها ومن ثم يحدث قصور في التغذية الدموية للزائدة مع غزوها بالبكتيريا الموجودة بشكل طبيعي في تجويف الامعاء فيتحول الامر الي التهاب ثم يتحول التجمع الي صديد داخل تجويف الزائدة او يتسرب الي الخارج و يحيط بها ومن اشهر الاسباب التي تؤدي الي انسداد تجويف الزائدة :

  • قطعة براز صغيرة ومتكلسة.
  • بذور الفاكهة كبذور الجوافة.
  • تضخم الانسجة الليمفاوية داخل الزائدة او الغدد الليمفاوية حولها.
  • الاصابة بالديدان واشهر انواع الديدان التي قد تتسبب في إنسداد تجويف الزائدة هي ديدان الاسكارس.

القسم الثاني هو القسم الغير انسدادي

وهو الاقل حدوثاً وفيه يحدث التهاب في الزائدة بسبب تجمع الإفرازات بداخلها بدون إنسداد تجويفها ويرجع هذا التجمع الي ضعف وقلة حركة الامعاء ككل وتبرز هذه المشكلة بشكل اكبر في المرضي الذين يعانون من إمساك مزمن لفترة طويلة من حياتهم.

ما هى اعراض إلتهاب الزائدة الدودية؟

١ . الم بالبطن وهذا الالم يتخذ مسار معين حيث يبدأ بألم حول السرة ثم ينتقل خلال ساعات قليلة ليتجمع ويتركز بالجانب الأيمن من اسفل البطن ويعتبر هذا هو اهم وادق عرض من اعراض التهاب الزائدة.

٢ . غثيان مع ميل الي القيء وقد يحدث قيء بالفعل لمرة او اكثر.

٣ . فقدان للشهية.

٤ . إرتفاع بسيط الي متوسط في درجة الحرارة وقد يتحول الي إرتفاع شديد مع حدوث المضاعفات كالالتهاب البريتوني او تكون خراج علي الزائدة.

٥ . قد يحدث امساك وفي حالات اقل قد يحدث اسهال.

٦ . كما ان نوعية المريض قد تساعد في الشك في المرض حيث نجد المرض اكثر انتشارا في الفئة العمرية ما بين ١٠ سنوات و٣٠ سنة بينما يقل في الأطفال الاقل عمراً كذلك فهو نادر في كبار السن كذلك فهو اكثر انتشاراً في الدول الاكثر تقدماً ويرجع ذلك الي زيادة حدوثه بين الناس اكلي اللحوم عنه بين النباتيين.

عند ظهور اي من هذه الاعراض علي المريض واستمراره دون تحسن او اذا زاد العرض في السوء فعلي المريض ان يتوجه علي الفور لأقرب قسم طوارئ بأقرب مستشفى ليتم عرضه علي اخصائي الجراحة لإستبيان ما اذا كان ما يعاني منه المريض هو بالفعل التهاب بالزائدة ام ان سبب الام البطن هو مرض آخر.

كيف يتم تشخيص إلتهاب الزائدة الدودية؟

اصعب ما في هذا المرض هو تشخيصه لأنه ليس هناك ما يثبت صحة التشخيص بشكل قاطع وانما هي محصلة تجمع معلومات من اكثر من طريق للوصول الي التشخيص لذا فان معظمنا قد سمع كثيرا عما يعرف ب (إشتباه التهاب بالزائدة الدودية) والذي علي اثره كثيرا ما تم حجز المرضي تحت الملاحظة بالمستشفيات ثم بالملاحظة الدقيقة لتطور الحالة يمكن تشخيص الحالة لاحقا بشكل نهائي ان كانت التهاب بالزائدة ام لا و بالبحث في العوامل التي تساعد في تشخيص المرض نجد انها كما يلي:

  • وصف الاعراض من قبل المريض نفسه وخاصة شكل الالم وطريقة حدوثه ومكانه وكيفية تطوره.
  • اخذ تاريخ مرضي مفصل من المريض بكل ما يشوب الحالة من اعراض.
  • الفحص الاكلينيكي الجيد للحالة وخاصة فحص منطقة البطن بالكامل مع مراعاة عمل بعض إختبارات الفحص التي يعلمها جيدا كل اطباء الجراحة مما يساعد في تشخيص الحالة واذا كان المصاب سيدة فلابد من عمل فحص للحوض بمعرفة طبيب النساء لإستثناء كل ما قد يحدث اعراض مشابهة من امراض النساء.
  • إجراء بعض الفحوص في صورة تحاليل واشعات وهي فحوص ذات اهميات عديدة منها المساعدة في التشخيص وكشف ما اذا كان قد حدثت مضاعفات للحالة ام لا واستثناء الحالات الأخرى التي تسبب آلام مشابهة في تلك المنطقة من البطن.

ما هى الفحوص التى يتم إجرؤها عند الكشف عن إلتهاب الزائدة الدودية؟

  • تحاليل كعمل صورة دم كاملة والتي يتبين منها ارتفاع عدد كرات الدم البيضاء مما يثبت حدوث التهاب بالجسم وتحليل بول لإستثناء كل ما قد يسبب اعراض مشابهة من امراض المسالك البولية واذا كانت المصاب امرأة فلابد من عمل اختبار حمل لإستثناء حدوث حمل خارج الرحم.
  • اشعات وتتمثل في عمل اشعة تليفزيونية علي البطن والتي تفيد اكثر في تشخيص مضاعفات المرض كحدوث انفجار في الزائدة او تكون كتلة علي الزائدة او تجمع خراج بالزائدة اكثر من فائدتها في تشخيص الالتهاب نفسه وعمل اشعة مقطعية علي البطن وتعتبر هي افضل وسيلة متاحة للوصول الي التشخيص وكشف المضاعفات وان كانت غير مسموح بها مع الحوامل والاطفال صغار السن لم قد تسببه من مضاعفات ولذا فقد تم استبدالها حديثاً بالفحص بالرنين المغناطيسى للحالات الممنوع فيها تعريض المريض للأشعة.

ما هى الأعراض الناتجة عن إلتهاب الزائدة الدودية؟

١ . حدوث انفجار بالزائدة الدودية ويعتبر هذا هو اهم واشهر وربما اخطر المضاعفات حيث ان انسجة الزائدة لا تتحمل التمدد الشديد ومع نقص الدموية جدار الزائدة وزيادة الضغط علي الجدار بسبب التجمع المتزايد للصديد بالزائدة يحدث انفجار.

وينتج عن إنفجار الزائدة الدودية احدي الحالتين :

الحالة الاولي هى إلتهاب بريتوني موضعي حيث ينجح الغشاء الشحمي للأمعاء في احتواء الالتهاب ومنع انتشاره فيتكون خراج في صورة بؤرة صديدية موضعية ولا ينتشر الي انحاء البطن.

الحالة الثانية هى إلتهاب بريتوني عام منتشر حيث ينتشر الصديد مع محتويات الامعاء داخل البطن محدثين إلتهاب شديد وحدوث تسمم بالدم قد يصل بالمريض الي الاصابة بصدمة تسمميه وهي حالة مميتة.

ومن العوامل التي تساعد علي حدوث انفجار الزائدة

  • تأخر التشخيص.
  • تأخر اتخاذ قرار العلاج.
  • التسرع الي تناول الادوية المسكنة للالم مع بداية ظهور المرض دون استشارة الطبيب حيث تعمل تلك الاودية علي اخفاء اعراض المرض عند فحص المريض فتظهر بصورة اقل بكثير من حقيقة الوضع مما يؤخر التشخيص.
  • كذلك في بعض الاشخاص يكون هناك اختلاف بسيط في تشريح اجسامهم ينتج عنه وجود الزائدة في غير مكانها المعتاد ووقتها اذا ما اصيبت بالاتهاب ينشأ عنها اعراض مختلفة تماما عن الاعراض المعتادة للتشخيص.
  • واخيراً هناك حالات معينة تحتاج لتعامل خاص نظرا لان فرصة حدوث الانفجار فيها تكون اكبر و تحدث بشكل اسرع بكثير من الحالات المعتادة وهذه الحالات هي : الاطفال صغار السن اقل من ١٠ سنوات ،كبار السن ، السيدات الحوامل خصوصا في شهور الحمل الاخيرة.

٢ . تكون كتلة حول الزائدة حيث يقوم الغشاء الشحمي للأمعاء والمشهور باسم (بوليس البطن) بالانجذاب الي الزائدة ومحاولة إحاطتها مع بداية الالتهاب جاذبا معه اجزاء من الاعضاء المجاورة للزائدة مكونا كتلة قد تحتوي علي اي جزء من اي عضو قريب كالقولون او الامعاء الدقيقة.

٣ . إنتشار الصديد الي الدم حيث يصل الي الوريد البابي ويتجمع هناك مكونا بؤرة صديدية بالوريد البابي او احد تفرعاته وهي من الحالات شديدة الخطورة والتي قد تتسبب في الوفاة.

كيف يتم علاج إلتهاب الزائدة الدودية؟

بمعرفة المضاعفات وكيفية تشخيصها نكون قد وصلنا الي تشخيص كامل لحالة إلتهاب الزائدة الدودية و بناءاً علي هذا التشخيص يمكننا إختيار الاسلوب الامثل لعلاج الحالة ويمكننا تقسيم الحالات الي قسمين :

  • القسم الاول حالات إلتهاب حاد بالزائدة الدودية بدون مضاعفات.
  • القسم الثاني حالات التهاب حاد بالزائدة الدودية مع وجود مضاعفات.

ويعتبر الإستئصال الجراحي هو الحل الامثل لعلاج القسم الاول وان كان هناك بعض الآراء التي تري انه يمكن الإعتماد علي المضادات الحيوية كعلاج دوائى للحالة دون تدخل جراحي مادام لم يحدث مضاعفات ولكن الثابت والاكثر شيوعا والافضل من عدة نواحي هو الاستئصال الجراحي ويمكن ان يتم هذا الاستئصال الجراحي باستخدام الجراحة المفتوحة او جراحة المناظير وجراحة المناظير هي المفضلة في هذه الحالة نظراً لما فيها من مميزات عديدة منها الشفاء الاسرع للمريض والتئام الجرح بشكل افضل وتقليل فترة بقاء المريض بالمستشفى و الاقل من حيث حدوث مضاعفات ما بعد الجراحة كحدوث التهاب مكان الشق الجراحي او تكون فتق جراحي كما انها تعطي نتائج تجميلية افضل.

ويمكننا فقط ان نعتمد علي العلاج بالأدوية اذا كان هناك ما يمنع الجراحة كوجود امراض مزمنة بجدار القولون كأمراض القولون الملتهب واشهرها القولون التقرحي فان كان المريض مصاب بأحد هذه الامراض ثم اصيب بالتهاب بالزائدة فان المريض يعالج بالمضادات الحيوية لان الجراحة تؤدي الي نتائج اسواء .

اما بالنسبة لعلاج القسم الثاني فانه يتوقف علي ما حدث من مضاعفات فلكل خطوات علاج تختلف من حالة الي اخري كما يلي:

  • اذا كان الإلتهاب مصحوبا بإنفجار الزائدة مع حدوث التهاب بريتوني منتشر فيتم إجراء عملية إستكشاف للبطن وخلالها يتم إستئصال الزائدة مع تنظيف البطن من كل ما وجد فيها من صديد وبراز ومحتويات الامعاء.
  • اذا كان الإلتهاب مصحوب بتكوين خراج نقوم باعطاء فرصة محدودة لعلاجه بالمضادات الحيوية فان لم تفلح المحاولة يتم افراغ الخراج من الصديد عن طريق شق جراحي مع وضع انبوبة درنقة بداخل الخراج لمنع تجمع الصديد مرة اخري بداخله مع إعطاء مضادات حيوية بجرعات كافية حتي يتم معالجة الخراج و يجف تماما ثم نقوم بنزع الانبوبة و يتم تحديد موعد للمريض في وقت لاحق خلال شهور قليلة لعمل استئصال للزائدة بعد ان تشفي حالة الخراج تماماً.
  • اما اذا كان الإلتهاب مصحوباً بتكوين كتلة علي الزائدة فان الإجراء الجراحي العاجل ممنوع تماماً وربما سمع البعض عن حالات زائدة دخلت حجرة العمليات ثم خرجت بعد قليل دون إجراء جراحة فيما يعرف ب (الفحص بعد التخدير) وفيه يقوم الجراح بعمل فحص اكلينيكي للبطن بعد وضع المريض تحت التخدير وقبل اي اجراء جراحي حتي تكون عضلات البطن مسترخية تماما فاذا نتج عن الفحص تشخيص كتلة علي الزائدة انهي الجراح العملية قبل ان تبدأ.

ويعتمد علاج هذه الحالة بشكل اساسي علي الادوية فقط مع وضع المريض تحت الملاحظة الدقيقة لمتابعة تطور الحالة باستخدام الفحص الاكلينيكي وإجراء اشعة تليفزيونية متتابعة وفي اغلب الاحيان تشفي الحالة من هذه الكتلة ثم يتم تحديد ميعاد في وقت لاحق خلال شهور قليلة للمريض لإجراء استئصال للزائدة ولكن في احيان اقل قد تتحول هذه الكتلة الي خراج فيتم معاملتها كما سبق ذكره.

  • اما اذا انتشر الصديد مع الدم ووصل الي الوريد البابي او احد تفرعاته فالعلاج الامثل هو إجراء جراحة عاجلة لإستئصال الزائدة بالجراحة المفتوحة مع ربط لتفرعات معينة من تفرعات الوريد البابي تحت غطاء عنيف من المضادات الحيوية لان تقدم هذه الحالة تقدم سيئ جدا وتعتبر مميتة.

تحذيرات هامة تتعلق بمرض إلتهاب الزائدة الدودية

1 . ان تشخيص التهاب الزائدة الدودية يعتبر هو اصعب مافي المرض لأنه ليس هناك مايثبته بنسبة مائة في المائة وخاصة اذا كان الاعراض غير دقيقة او كان هناك اختلاف في التشريح والزائدة تقبع في غير مكانها المعتاد لذا فهناك نسبة عالمية معترف بها وان كانت متفاوتة بين الدول لعمل جراحة لزائدة يتضح بعد ذلك انها طبيعية وغير مصابة باي التهاب وان سبب الالام هو شئ اخر وحتي في هذه الحالة لابد من استئصال الزائدة مادام قد تم فتح البطن حتي وان كانت غير مريضة.

2 . من الخطوات الغير مستحبة التسرع في اعطاء المريض اية مسكنات قبل اتمام عملية التشخيص بشكل كامل لما قد ينتج عن ذلك من اخفاء لكثير من الاعراض وقت الفحص والتي نعتمد عليها في التشخيص وقد كنا قديما نعتبرها ممنوعة تماما ثم ظهر حديثا من الجراحين من اباح اعطائها واصبح موضوع خلافي ولكن ومن خلال خبرتي الشخصية نجد ان إعطاء مسكنات قبل اتمام التشخيص هي خطوة سيئة وتؤخر التشخيص بشكل كبير ويمكن إعطاء المسكنات فقط بعد اتمام التشخيص وقبل الجراحة لإراحة المريض من الالم حتي يتم التجهيز للجراحة.

3 . ان اسباب الالام البطن كثيرة ومتعددة ولكن علي المريض ألا يتهاون عند الشعور بأى عرض يظهر عليه خصوصا اذا كان يتزايد لان التعامل السريع مع مثل هذه الحالات قد ينقذه من الدخول في مضاعفات قد تكون شديدة الخطورة كما ان هناك فئات معينة لابد من التعامل السريع معها لأن تطور الحالة فيها يكون سريع جدا وحدوث المضاعفات اسرع بكثير من المعتاد كما هو الحال مع الأطفال صغار السن ما دون العاشرة من العمر وكذلك كبار السن بالاضافة الي السيدات الحوامل خاصة في اشهر الحمل الاخيرة.

4 . ان مرض التهاب الزائدة الدودية هو مرض غير قابل للمنع او الوقاية ولكن وجد انه يصيب اكثر الذين يعتمدون في غذائهم علي اللحوم بشكل اساسى بينما يقل في النباتيين لذا فيجب الحرص علي تناول كمية مناسبة من الخضروات والفاكهة كون هذه الاطعمة غنية بالألياف التي تساعد ولو بشكل صغير في الوقاية من هذا المرض.