index

استكمالا لما بدأنا فى المقال السابق بعنوان 100 سؤال و جواب عن أمراض القلب نستكمل طرح أهم الأسئلة فيما يلى : –

 

س29- كيف يفهم دور الوراثة بالنسبة لأمراض الأوعية الدموية ؟

ج- يكمن الاستعداد الوراثي في خواص كل من الجهاز العصبي ، و عمليات التمثيل الغذائي التي تتكون بفضلها ، و تحت تأثيرات معينة من البيئة ، تربة صالحة لنشوء هذه المجموعة من الأمراض ، إذن فالمرض بحد ذاته لا ينتقل بالوراثة ، بل تنتقل بالوراثة بعض خواص الجسم التي تسهل نشوء المرض في الظروف الخارجية الملائمة لذلك ( المسماة بالعوامل الخارجية ) .

 

س30- كيف تكون هذه القابلية ؟

ج- تكمن في أساس هذه القابلية تأثيرات هذه القابلية تأثيرات عوامل البيئة الخارجية على الجسم ، إن ارتفاع ضغط الدم ، و تصلب الشرايين ينجمان عن تغيرات تحدث في الجهاز العصبي ، و عمليات التمثيل الغذائي ، و يعلمنا علم البيولوجيا الحديث أن بعض هذه التغيرات بالذات هي التي تنتقل بالوراثة ، وتنتقل مميزات الجهاز العصبي و التمثيل الغذائي من جيل إلي جيل ، و هي تتكون عند أفراد هذه الأجيال بتأثير من الأشكال الجديدة للحياة و النشاط ، و لكن الأمراض لا تنشأ فقط لوجود استعداد عائلي لذلك ، بل من الضروري لنشوئها وجود تأثير ضار من قبل البيئة الخارجية .

 

س31- ما هي أهمية صفات الجسم نفسه ؟

ج- إذا كان المقصود بصفات الجسم ، تركيبه الخارجي فقط ( النحافة ، السمنة ، طول القامة ، أو قصرها ) فإنها حسب نتائج أبحاثنا لا تلعب دوراً في القابلية للإصابة بارتفاع ضغط الدم و تصلب الشرايين ، مع أن البعض له رأي آخر في ذلك ، أما إذا اعتبرنا هنا أيضاً ، الصفات الداخلية للجسم و من ضمنها نوع جهازه العصبي ومميزات عمليات التمثيل الغذائي فيه ، أي عندما تؤخذ بعين الاعتبار كل صفات الجسم الوراثية منها و المكتسبة أثناء الحياة ، فهذا بالطبع له أهمية كبيرة ، فكما سبق ذكره فإن بعض خواص ردود الفعل العصبية تساعد على نشوء مرض ارتفاع ضغط الدم ، بالإضافة إلي أن لعمليات التمثيل الغذائي أهمية في ذلك أيضاً ، و هذا بالأخص يتعلق بتصلب الشرايين ، و سيأتي الكلام عن ذلك فيما بعد .

 

س32- هل للظروف المحيطة بالأطفال و نوع التربية أهمية ما ؟

ج- نعم ، إن لهما أهمية كبيرة ، فلقد أجريت دراسة حول مدي انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم عند الأطفال ، و اختيرت مجموعتان منهم – الأولي – أطفال عاشوا أثناء الحرب العالمية الثانية – والثانية أطفال عاشوا في تلك الفترة بعيداً في المؤخرة ، و عند الفحص ظهر أن مرض ارتفاع ضغط الدم كان أكثر انتشاراً في المجموعة الأولي ، إن الجهاز العصبي في سن الطفولة يصاب بالمؤثرات المختلفة بسهولة .

إما فيما يتعلق بالتربية فعلي هذا السؤال يمكن الإجابة فقط على التخمين .، فأنا أعتقد أنه يجب لفت الانتباه إلي النقص في مكافحة ملامح معينة من انطباع الأطفال ، مثل: الميل إلي ثورات الغضب المفاجئ ، و الخوف ، و الحسد ، و أن تهتم بعلاج بعض الانحرافات مثل : الانطواء ، و الميل الشديد للانعزال و الشعور بالإهانة ، و يجب أن تنمي في الأجيال الفتية طباع الصراحة و التسامح ، و أن نربي فيهم روح العيش في جماعة ، و الشعور بالزمالة ، و حب العمل .

 

س33- و الرياضة البدنية ؟

ج- يجب أن تنمي القدرة على العمل العضلي منذ الطفولة ، فالرياضة البدنية بالتأكيد تساعد على التخلص من العصاب ، و التمارين الرياضية تعتبر خير مخفف عن الإجهاد العصبي . و هي تحسن عملية التمثيل الغذائي الذي يكون في بعض الأحيان السبب الرئيسي في ظهور مرض تصلب الشرايين .

 

س34- هل يمكن القول أن النقص في النشاط البدني للإنسان المعاصر بشكل عام هو أحد أسباب انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم ، و تصلب الشرايين في وقتنا هذا ؟

ج- هذا ما يعتقده الكثير من مشاهير الأطباء ، و قد أكد على هذا بشكل خاص الاختصاصي الأمريكي الشهير بأمراض القلب ( بول وايت ) ، أن اقتران العمل الذهني و البدني هو ما يجب أن يوفره في مجتمعنا ، و هذا بالضبط ما قصدت إليه الاصلاحات المدرسية التي يجري إدخالها في الوقت الحاضر .

 

س35-و لكن ألا يمكن أن يساعد الجهد البدني الفائق على ارتفاع ضغط الدم،وإنهاك الأوعية الدموية ؟

ج- بالطبع عن الجهد البدني الشديد لا يمكن أن يمر دون ارتفاع في ضغط الدم ، و بالتالي دون أن يتحمل القلب و الأوعية الدموية مجهوداً كبيراً فإن كان الإنسان مصاباً بارتفاع في ضغط الدم ، أو تصلب الشرايين ، أو إن كان عنده ضعف في القلب فإن الجهد البدني المضني قد يؤدي إلي عواقب وخيمة ، و لكن هذا لا يحدث إلا في حالة بذل مجهود كبير .

يتحمل الناس الأصحاء ولا سيما ذوي الأجسام الرياضية منهم حتى المجهودات البدنية الكبيرة جداً و المتكررة دون أي ضرر بصحتهم، المهم الحصول على التدريب الملائم، الذي يأتي عن طريق التمارين الرياضية المستمرة

إن ضغط الدم قد لا يرتفع إلا بمعدل قليل جداً لدي الأفراد الذين يمارسون الرياضة البدنية ؛ رداً على العمل البدني .

س36- هل يستنتج مما قيل أن الرياضيين أو الناس الذين يقومون بأعمال بدنية ثقيلة لا يصابون بمرض ارتفاع ضغط الدم ، أو تصلب الشرايين ؟

ج- كلا لا يجوز الأخذ بمثل هذا الاستنتاج ، إن هؤلاء الناس و بالرغم من التأثير الإيجابي للعمل العضلي معرضون أيضاً لهذه الأمراض إذا حدث خلل في جهازهم العصبي ، و في التمثيل الغذائي عندهم بفعل المسببات المختلفة التي جاء الكلام عنها ، و بالأخص فإن انقطاع الرياضيين المتدربين عن التمارين ، و الانتقال الكامل من العمل البدني إلي العمل الذهني يؤثر فيهم تأثيراً مضراً ( كما يلاحظ مثلاً عند انتقال المشتغلين بالعمل البدني إلي أعمال إدارية ) .

 

س37- و لكن ماذا يقال في هؤلاء الذين يقومون بتحميل أجسامهم ما فوق طاقتها من العمل البدني، من أجل الوقاية من تصلب الشرايين، و بدون التدريب و الصقل التدريجيين ؟

ج- إن الإنسان في شبابه و في كهولته من المحتمل أن يكون على جانب كبير من الجلد ، و لكن بيت القصيد هنا هو التدريب المعقول، فواضح للجميع أنه بدون الإعداد التدريجي للجسم لا يجوز مثلاً أن ينزل الإنسان في الشتاء دفعة واحدة إلي حفرة في الجليد و يأخذ في السباحة، ولا يجوز بدون الممارسة الدائبة للتمارين الرياضية أن يبدأ الإنسان مرة واحدة في رفع أثقال كبيرة.، إن مثل هذا التصرف الطائش قد يسبب للجسم ضررا كبيراً و في كل الأعمار .

 

س38- من المعروف أنه يعار انتباه خاص في الوقت الحاضر لمحاربة تعاطي المشروبات الروحية فما التأثير الضار للكحول على الأوعية الدموية ؟

ج- دون التطرق إلي السؤال حول أضرار الكحول بصورة عامة يمكننا أن نقول ما يأتي : إن أسباب ارتفاع ضغط الدم ، و تصلب الشرايين هي تغيرات في نشاط الجهاز العصبي، و في عمليات التمثيل الغذائي، و التسمم الكحولي له تأثير ضار على الدماغ ( يبدأ بالتأثير في عمليات النشاط العصبي العالي و ينتهي بتغيرات في نفس نسيج الدماغ )، و علي الكبد، و الكبد هو عضو يتم فيه الكثير من عمليات التمثيل الغذائي ذات الأهمية البالغة .

 

س39- يقال إن النبيذ يوسع الأوعية الدموية، ولذلك فهو مفيد في حالات ارتفاع ضغط الدم، و الذبحة الصدرية؟

ج- في الواقع إن النبيذ يوسع الأوعية الدموية في بعض أنحاء الجسم و لكن بصورة مؤقتة، و هذا التوسيع ليس له تأثير علاجي ، و للأسف فإن الأرجحية هي للتأثير الأول المذكور أعلاه .

 

س40- و الــتــدخــيــن ؟

ج- لقد أجريت مقارنة بين مدي انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم عند المدخنين و غير المدخنين، فلم تعط الإحصاءات أية نتيجة معنية، فبعض الاختصاصيين يقفون بقوة ضد النيكوتين، و يهزأ بعضهم الآخر بما يشاع عن شر الدخان، أثناء المؤتمر العالمي لأمراض القلب الذي انعقد في بروكسيل نظم برنامج اذاعي على شكل محادثة بين العلماء يوضحون فيه آراءهم حول وسائل الكفاح ضد أمراض القلب و الأوعية الدموية، و اشترك في هذا البرنامج أطباء من فرنسا و بلجيكا و ايطاليا و روسيا، و اختار كل طبيب لنفسه موضوعاً معيناً يتحدث عنه، و في النهاية تحدث طبيب إكلينيكي عن أضرار النيكوتين، فما كان من مقدم البرنامج إلا و أن سأله فجأة ( و أنت يا حضرة البروفسور هل تدخن؟) و كان الجواب منه (نعم) و تبعه سؤال آخر كم من الأربعة المشتركين في البرنامج يدخنون فاتضح أنهم ثلاثة، هذا بالطبع لا يعني شيئاً ، فمع أنه يقال ( أيها الطبيب عالج نفسك ) إلا أن الأطباء أنفسهم لا يتعالجون، ولا يتخذون أية إجراءات من التي يؤكدون على أهميتها للوقاية من الأمراض، إن التدخين مضر وممنوع عند ظهور أي عرض من أعراض القصور في الأوعية الاكليلية .

 

س41- هل توجد أنواع من العمل تساعد على ارتفاع ضغط الدم ؟

ج- العمل بحد ذاته لا دخل له، ولكن الجوهر في كيفية تنظيمه، و لقد حري الحديث عن العمل الجسماني، أما في الورشات التي يرتبط العمل فيها بالمواد الصناعية المضرة فيلاحظ انخفاض في ضغط الدم أكثر من ارتفاعه، كما هي الحال في ظروف العمل المتعلق بالمذيبات الكيماوية و البنزين (في صناعة البلاط و في مصانع تكرير النفط)، و يلاحظ ذلك أيضاً عند العمال الذين يعملون في ورشات تكون درجة الحرارة فيها مرتفعة .

إن إرتفاع ضغط الدم و تصلب الشرايين هما أكثر انتشاراً بين المهندسين و الفنيين و الإداريين، و كذلك في المهن التي لها علاقة بإحداث إجهاد عصبي عنيف، فانتشار مرض ارتفاع ضغط الدم بين عاملات التليفون و التلغراف مثلا أكثر بمرتين و نصف مما هو منتشر بين بقية السكان، و المعروف أن عمل عاملات التليفون و التلغراف يحتاج إلي بذل كبير من الطاقة العصبية، و مصحوب بالإثارة الدائمة .

 

س42- إذا كان مرض ارتفاع ضغط الدم في جوهره مرضا عصبياً أو بالأحري مرضاً يشمل الأعصاب و الأوعية الدموية، فمن الطبيعي أن نتوقع أن الأهمية الرئيسية في علاجه يجب أن تكون للأدوية الخاصة بعلاج الجهاز العصبي ؟

ج- هذا أمر لا شك في، فمن وجهة النظر هذه فإن أكثر الأدوية ملائمة لمرض ارتفاع ضغط الدم في المراحل الأولية للمرض هي الأدوية المزيلة للإثارة الشديدة في الجهاز العصبي المركزي، و المخففة لحالة العصاب،

وتنتمي إلي هذه الأدوية المسكنات العادية مثل البروم و اللومينال و غيرهما، و من الجدير بالذكر أنه قد أقترحت كمية لا تحصي من الأدوية المخففة لضغط الدم، فيمة أكثرها تكمن في أنها تؤثر أحياناً في الجهاز العصبي كعوامل مقوية، و أن كمية كبيرة من هذه الأدوية تؤثر أحياناً عن طريق الإيجاد ( كشهرة الطبيب، أو المؤسسة التي وصفته، و حداثة الدواء، و الدعاية له التي تعتبر ذات أهمية كبيرة في هذا المجال .. إلخ )، وواضح من وجهة النظر هذه أن مختلف طرق العلاج بالوسائل الفيزيائية و حتى بعض أنواع علاج المثل بمثله تساعد أيضاً في المراحل البدائية لمرض ارتفاع ضغط الدم .

و بالطبع فإن السفر إلي المصايف، و المصحات للعلاج مفيد جداً من عدة نواح، و تؤثر تأثيرا حسناً الإقامة في مؤسسات الوقاية الليلية أو النهارية – هذه المؤسسات تنشأ على غرار المصحات في المصانع بقرب الورش، و يقضي فيها العمال الذين يميل ضغط الدم عندهم للارتفاع كل الوقت عدا وقت العمل ( فهم يقبلون فيها للعلاج دون الانقطاع عن العمل ) .

لقد ظهر بالتجربة أن الإقامة في مؤسسات الوقاية هذه ( حيث يلتزم المرضي نظاماً صحياً ملائماً و يتلقون العلاج ) تؤثر تأثيراً حسناً جداً على مجري مرض ارتفاع ضـغط الـدم في المستقـبل ( و إذا كان المـرض في مرحلـتـه الأولي

فقد يزول كلياً أو علي الأقل لمدة معينة، أما إن كان في المرحلة الثانية فإن ضغط الدم ينخفض، و يتحسن المزاج، و ترتفع القدرة على العمل ) .

 

س43- ما السيربازيل أو الريزيربين و ما الأدوية المحاصرة للعقد العصبية ؟

ج- هذه أدوية جديدة قيمة، لمعالجة مرض ارتفاع ضغط الدم، ليس فقط في مرحلة البدائية، بل و في مراحله المتأخرة أيضاً، و هي تؤثر أيضاً عن طريق الجهاز العصبي، السيربازيل ( الريزيربين ) هو دواء مستحضر من نبات هندي يؤثر في المخ، و في مراكز تحريك الأوعية الدموية مخففاً من نشاط الأجهزة التي تولد ارتفاع ضغط الدم، و يعطي هذا الدواء عن طريق الفم في جرعات صغيرة، و يجب استعماله لمدة طويلة ( طيلة الشهر )، و تحت إشراف الطبيب فقط .

أما الأدوية المحاصرة للعقد العصبية فتستعمل لهدف آخر، فهي تحاصر أي تخفف، و توقف التأثيرات المنبهة المتجه إلي الأوعية، و هذه التأثيرات تكون في حالة ارتفاع ضغط الدم قوية جداً و زائدة، إن هذه الأدوية تؤثر في العقد العصبية، ومن هنا جاءت تسميتها، و تنتمي إلي هذه المجموعة أيضاً: الأدوية المحاصرة لنهايات الأعصاب السمبثاوية في الأوعية الدموية الدقيقة ( إيسملين )، أو التي تقلل من إفراز هرمونات الجهاز العصبي السمبثاوي الأدرينالين و النورادينالين، و يجب أن يكون العلاج بواسطة هذه الأدوية في ظروف المستشفي فقط، إن استعمال الأدوية يؤدي إلي انخفاض ضغط الدم حتى في حالات ارتفاعه الكبير، و يؤدي العلاج المستمر إلي تحسن كبير في حالة المريض، و تلاحظ أكثر فأكثر، حالات الشفاء من مرض ارتفاع ضغط الدم، و حتي الحالات المستعصية منه .

 

س44- لم يتطرق الحديث حتى الآن عن أهمية التغذية في نشوء أمراض القلب، و الأوعية الدموية، ففي الآونة الأخيرة أخذ بعض الناس يقلل من تناول البيض و اللحوم الحاوية على كثير من الدهن، معتمدين على رأي الأطباء القائل بأن هذه المواد مضرة للأوعية الدموية، و يدعون إلي التغذية النباتية للمتقدمين في السن، فما مدي صحة هذه التخوفات، و في الدرجة الأولي بالنسبة لنشوء مرض ارتفاع ضغط الدم ؟

ج- إن نوع الطعام لا يلعب دوراً في الإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم، إن الحمية ضرورية في حالة الإصابة بالمرض، و بالأخص في حالة وجود خلل في القلب و الكلي .

 

س45- يقال إن الملح و الطعام المالح يساعدان على ارتفاع ضغط الدم ؟

ج- إن هذا الرأي مبني على أساس أنه اقترحت في الولايات المتحدة منذ مدة وجيزة طريقة لعلاج مرض ارتفاع ضغط الدم بواسطة الحمية مع كمية محدودة جداً من ملح الطعام .

ولا يجوز إنكار أن مثل هذه الحمية تساعد أحياناً على انخفاض ضغط الدم عند المرضي و تحسين مزاجهم، و لقد وضعت أيضاً في معهد التغذية بموسكو قوائم طعام متشابهة ( مثل القوائم المبنية على الفاكهة و غيرها )، و لكن كما سبق ذكره فإن هدف الحمية هو العلاج لا الوقاية، على أنه لا يمكن القول إنه كلما قللت من تناول الأملاح منذ الطفولة – كلما ازدادت الفرص للوقاية من مرض ارتفاع ضغط الدم .

و قد أجريت منذ مدة قريبة دراسة حول مدي انتشار مرض ارتفاع ضغط الدم في اليابان و الهند و لبنان و غيرها من البلدان، فكانت النتيجة أن مدي انتشار هذا المرض واحد في كل من هذه البلدان، و قريب من مدي انتشاره في أوروبا ( و إن كانت قد أجريت في الحقيقة هذه الدراسات في المدن الكبيرة فقط، فالحياة في المدينة العصرية الكبيرة في آسيا لا تختلف كثيراً عن الحياة في مدن أوروبا و أمريكا )، و لم يجد المؤلف أية علاقة بين مدي انتشار ارتفاع ضغط الدم في مختلف الأقطار بكمية الملح المستعمل مع الطعام، و من الجدير بالذكر أن المرضي المصابين بارتفاع في ضغط الدم يفقدون مع البول كمية من الملح أكبر نوعاً ما من الكمية التي يفقدها الأصحاء؛ و لذلك فإن تحديد كمية الملح المأخوذة مع الطعام لمدة طويلة إن لم تكن هنالك ضرورة لذلك، من المحتمل أن يكون حتى مضراً .

 

س46- هل إن تناول كمية كبيرة من السوائل مضر من حيث نشوء ارتفاع في ضغط الدم ؟

ج- في وقت ما كانت تسود فكرة عن ارتفاع ضغط الدم، تصفه بأنه امتلاء دموي، و كانوا يعتبرون أنه ينجم عن ازدياد كمية الدم الدائرة في الأوعية الدموية، و بناء على ذلك حدوداً استهلاك السوائل باعتبار أنها قد تؤدي إلي امتلاء شبكة الأوعية الدموية أكثر من اللازم، إن هذا الرأي قد اندثر، فلقد أثبتت الدراسات الخاصة أنه لا تزداد كمية الدم، و قسمة السائل – البلازما – في حالة ارتفاع ضغط الدم .

فنحن نعلم أن من المحتمل أن يشرب بعض الناس في ظروف معينة، و بصورة متكررة كميات كبيرة من السوائل، دون أن يولد هذا عندهم ميلا لارتفاع ضغط الدم ( مثال ذلك عمال الورش الحارة، و المصابون بمرض البول السكري و غيرهم )، و بالطبع فإن السائل الذي يشربونه يتسم إفرازه عندهم بسرعة، و لكن حتى في حالة عدم إفراز ما شرب من سائل لا يتكون ميل لارتفاع ضغط الدم، بل ميل للنوم ( مثال ذلك عند مرضي القلب، و في حالات أمراض الكلي ). ، و يستشهد عادة بالناس الذين يشربون كمية كبيرة من البيرة من 5 إلي 10 لترات و أكثر في اليوم، فكثيراً ما يلاحظ عندهم قلب كبير الحجم ( قلب بيري* )، إن هذا على ما يظهر نتيجة للجهد الكبير الذي يبذله القلب في ضخ السائل الذي تم شربه من الأمعاء إلي الدم، و من الدم إلي الكلي .. الخ و ارتفاع ضغط الدم عند هؤلاء الناس ليس حتمياً، و مما قيل يجب أن نستنتج بأن استعمال كمية كبيرة من السائل يعتبر ظرفاً غير ملائم؛ لعمل جهاز القلب و الأوعية الدموية .

س47- و هل يمكن أن يلعب تناول المشروبات مثل القهوة و الشاي بكميات كبيرة دوراً ما ؟

ج- لا يمكن أن يستغني الإنسان المعاصر عن هذه المشروبات الطبية المنعشة التي تمنحه الفعالية و النشاط، و هي عبارة عن منبهات ذات تأثير منبه خفيف، و تزيد حتى من قدرة بعض الناس على العمل، و لا يجوز إنكار تأثيرها في الأوعية، و بالأخص في التمدد لا الانقباض . ألا إن القهوة و الشاي قد يرفعان قليلاً من ضغط الدم المنخفض ( و يبني على ذلك استعمال الكوفين في علاج حالات القصور الحاد للأوعية الدموية الذي يصحبه انخفاض في الضغط ) و لا داع لحذف هذه المواد من الاستعمال على أمل التخلص بهذه الطريقة من احتمال نشوء ارتفاع في ضغط الدم في المستقبل، أما في حالة وجود المرض فهذا شئ آخر، إذ يجب حل هذه القضية بشكل فردي، فإذا كان المريض بعد تناول القهوة أو الشاي الغامق يشعر بتهيج شديد، فمن الحكمة ألا يتناول هذه المشروبات، أما إن كان الجهاز العصبي يهدأ بعد تناول القهوة أو الشاي كما يحدث في بعض الأحيان فلا داع لعدم تناولها، و لقد بين (ي.ب.بافلوف) في وقته أن تأثير الكوفيين لا يتوقف على الجرعة فحسب، بل و علي طابع رد فعل الجهاز العصبي على الأخص .

 

س48- هل هناك علاقة بين السمنة أو الأكل الكثير و الاصابة بأمراض القلب و ارتفاع ضغط الدم ؟

ج- إذا كان الحديث عن ارتفاع ضغط الدم ( و ليس عن تصلب الشرايين ) فلا أهمية لهذا، و يمكن أحياناً عند قياس ضغط الدم في الذراع بواسطة الربطة عند الأشخاص ذوي السمنة الزائدة أن يحصل على أرقام عالية من جراء الحجم الكبير لأنسجة الذراع اللينة، و طبعاً يصادف عندهم أيضاً ارتفاع حقيقي لضغط الدم، و بالأخص إذا كان يقترن بتصلب الشرايين .

الآن وقد تبين أن ارتفاع ضغط الدم يمكن أن يصيب النحاف و المنهكين جسمانياً إذا وجدت المسببات لذلك، صحيح أن الإنهاك البدني بحد ذاته يؤدي إلي إنخفاض جميع النشاطات الحيوية، و ينخفض أيضاً في هذه الحالة ضغط الدم، و لكن و بالرغم من هذا الميل للانخفاض فإنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في ضغط الدم إذا ما رافقت تلك الحالات تأثيرات تكون السبب الرئيسي لذلك الارتفاع، أي الإجهاد و حدوث صدمة في نشاط الجهاز العصبي المركزي .

يتبع لاحقا

لمطالعة المقال السابق اضغط هنا