يحكي أن ضفدعين سقطوا في بئر عميق وتجمعت الضفادع حول البئر قائلين لهما لن تستطيعوا أبداً أن تخرجوا من هذا البئر انه عميق جداً وفعلاً حاولوا القفز والخروج لكن بلا جدوى ومع كل هذا الكلام المحبط من الضفادع فوق استسلمت واحدة منهم ولم تحاول وماتت أما الأخرى فأخذت تحاول وتحاول بأمل وتفاؤل وسط كل هذا الإحباط حتى تمكنك بعد تعب وإصرار وقفزات من حجر إلى حجر أن تخرج ، واندهش الجميع ، وعندما سألوها :كيف وصلت إلى هذا؟ كانت المفاجآة أنهم اكتشفوا أنها تعاني مشاكل في السمع، في أحيان كثيرة تحتاج أن نكون في هذه الحياة مثل هذه الضفدعة حتى لا نسمع ذلك الصوت المتشائم المحبط ونكمل طريقنا في الحياة بكل أمل ومثابرة .

 

تحقيق الهدف

 

هل تعيش بالأمل في حياتك؟ هل أنت الآن في مشكلة كبيرة؟ وهل حياتك مظلمة وسوداء ولا تستطيع الخروج من هذا الظلام الحالك ؟ فقط أريدك أن تنظر إلى هنا بين هذا الظلام سوف تجد نور بسيط جداً وخافت ، أتدري ما هذا النور انه الأمل البسيط الذي يخرج بين أحضان المشكلة (الظلام) ليجعل حياتنا أجمل، مهما كانت الظروف والمشاكل عندك فتأكد أنها سوف تعبر وتنتهي فكل شيء في حياتنا سوف ينتهي حتى هذا الجسد فلماذا نيأس ونتشاءم .

لماذا نبكي ونتشاءم؟! ولماذا لا نعيش بالأمل في قلوبنا وقد تكلف الله برزق العباد وعنده خزائن السماوات والأرض؟!، لماذا لا أكون سعيد والسعادة مكتوبة في قيمة الأشياء داخلنا؟ لماذا اغضب وأنا اعلم أن الدنيا كلها سوف تفنى؟ لماذا لا اجعل الأمل في حياتي وأنا اعلم انه يجذب لي كل ما أريد؟ لماذا أقلق وأنا متأكد أن الله لن يضيعني ؟ لماذا أخاف وكل شيء بتقدير الحكيم الحميد ؟ لماذا أتألم من التحديات وأنا اعلم أنها تعلمني أكثر مما تجعلني حزين ؟ لماذا أتراجع عن هدفي عند أول إحباط وتحدي وأنا أعلم أن الإصرار هو أساس الوصول للهدف ؟ لماذا أبكي وأخاف من التحديات وأنا اعلم أن البشر كلهم سوف يموتوا ولن اخسر أكثر من هذا لذلك فأنا اعلم أني لو مت على هذا فسوف أكون حاولت الوصول ، وإن لم أمت فأنا مستمر حتى أصل ؟.

إن الأمل هو الفكرة الأكثر إلهاماً في حياة البشر ، فكثير منا يبحث عن أفكار في الحياة ، لكن ما الشيء الذي دائماً ما يدفعك لتبحث داخلك أو تتعلم شيء جديد ..إنه الأمل ، إن الأمل يدفع البشر للتعلم ويدفعهم لتطوير ذاتهم ، الأمل هو الذي يجعلنا ننظر إلى الأمام وهو الذي يخرجنا من حفره الألم ويدفعنا لكتابة أهدافنا واكتشاف ذاتنا ، الأمل هو ذلك المنبهة الذي يوقظنا كل صباح لنعمل ونتحرك ، إن الفكرة الأساسية في الحياة هي أن نعيش بالأمل ومن هنا تتولد بقية الأفكار.

عندما أتأمل حياة الناجحين في تاريخ البشر أجد شيء غريب وهو أن الفكرة الوحيدة التي كانت تحركهم هي الأمل الذي كان يولد الإصرار والاستمرار والتخيل والعمل وكل مبادئ النجاح ، لذلك دائماً ما أقول أن مصائبهم كانت اكبر بكثير مما نحن عليه الآن ومع ذلك أكملوا الطريق.

عندما قرأت قصة “روبرت لويس سيفني سون” هذا الكاتب الذي أصابه مرض الدرن وأضعفه جداً لدرجة أن يده اليمنى شُلت من المرض فبكل أمل وتفاؤل تعلم الكتابة باليد اليسرى وثابر حتى قضى المرض على يده اليسرى فاخذ يملي أعماله الأدبية ، لكن المرض ذهب بلسانه فأخذ يتعلم الإشارة ليملي عمله ، ما هذا الأمل الذي يجعل أي كاتب في العالم يكتب حتى أخر قطرة في دمه.

ولن انسى اينشتاين وهو صغير عندما كان يتهمه الناس بالجنون والتأخر في التعليم مع ذلك أكمل واخرج بعبقرية نظرية مازال العالم حتى الآن يتحدث عنها .

إنني أدعوك و أدعوكِ ، وادعوا كل من يعيش على وجهه هذه الكرة الأرضية أن تتحلوا بالأمل والتفاؤل في حياتكم وأن تروا الأشياء بطريقة جميلة طريقة مفعمة بالأمل والحب حتى وإن كانت هذه الأشياء قبيحة، فهي خُلقت من اجل غاية لا يعلمها إلا الله عز وجل فكل شيء في الكون بتقديره عز وجل وتدبيره ، فرغم مرارة الدواء إلا انه سبب في شفاء البشر . وعندما ننظر للحياة بهذه النظرة المتفائلة سوف نرى الجمال في هذا الكون ، يقول مصطفي السباعي “إذا نظرت بعين التفاؤل إلى الوجود رأيت الجمال شائعاً في كل ذراته حتى القبح تجد فيه جمالاً ” وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال (إن الله جميل يحب الجمال)رواه مسلم.

إننا حينما نرى العالم من حولنا جميل، ونسمع ونحلل كل ما فيه من منطق وقوة وحكمة ونشعر به وبجماله الخلاب سوف نتصرف بطريقة فريدة في هذا الكون ، سوف نجد أنفسنا أجمل بكثير من قبل فأنت مثلاً حينما تفكر في الطبيعة الخلابة وتشاهد المناظر الطبيعية سوف تتأثر نفسك بهذا الجمال الرباني وتبدأ أعصابك بالاسترخاء والهدوء وتشعر انك أكثر توازناً وثقة من ذي قبل، إن هذا ما يحدث معنا فعلاً عندما نجلس على شاطئ البحر في هدوء ونتأمل الجمال ، وهذا سوف يحدث معنا في حياتنا إذا تأملنا الجانب المشرق فيها وجعلنا كل تركزينا على هذا الضوء الايجابي في حياتنا ، تخيل انك تتمتع بحياة صحية جيدة وطاقة وحيوية مهما كان وزنك وصحتك ، ولذلك ابدأ الآن بالتأكيد على نفسك انك تأكل وتمارس الرياضة من اجل صحة جيدة ونشاط أكثر وحيوية ومرونة بغض النظر عن ما يقوله الناس وما يفعلوه ، وانظر إلى هذا الطعام على انه شيء له قيمة تكمن في إعداد كل خلية في جسدك بالحيوية والطاقة وان كل خلية تأخذ فقط ما يكفيها ، وأنا لا استغرب أن هناك بعض الأطباء يعالجون مرضاهم بجانب العلاج بالدواء بالأمل المفرط والضحك والتخيل الايجابي وتصل نسبة شفائهم بإذن الله إلى نسب مرتفعة ، والسر يكمن في كلمة واحدة لها تأثير ساحر على البشر إنه الأمل.

إذا بدأت في جعل النور الايجابي في حياتك وتفكيرك سوف تجد نفسك تتمتع بثقة في النفس وسوف ترى هدفك البعيد أو ما كنت تعتبره حلم بعيد يحقق أو يقترب من التحقيق.

والشخص الذي يعيش بالأمل تجده محبوباً جداً في المجتمع فهو في البيت مع والديه يرى الجمال فيهما ويتذكر دائماً كل تعب وعمل ايجابي قدماه له ، لذلك فهو دائماً ينشر الحب والسلام في المنزل وتجده مع أخوته دائماً ما يدفعهم إلى العمل ويشجعهم ويورث لهم الأمل في أفعالهم وأهدافهم ، أما مع أسرته وأصدقائه فهو يدخل عليهم ليضئ لهم المكان بكلامه الجميل الذي يبث فيهم الحياة من جديد ، هل تعرف شخص من هذا النوع من البشر ؟مجرد أن يدخل وكل شيء يصبح جميل؟ لماذا لا يكون أنت هذا الشخص ؟.

أما هذا الشخص مع زوجته فهو رجل يعشقها ويحبها وغالباً ما يغفر لها كثير من أخطائها ويشجعها على الفعل والعمل والنجاح ، ويربي أبنائه دائماً بالحب والأمل ويتفاهم معهم لذلك فهم يحبون أن يقتربوا منه أكثر ويبحون له بكل أسرارهم لأنهم يعلمون أن الحل الآمن والراحة التامة سوف تكون مع هذا الشخص الذي دائماً ما يبث فيهم روح التفاؤل ، إذا كنت الآن متزوج تمتلك أولاد وزوجة عليك فقط أن تعيش بالأمل معهم والحب والتفاؤل وسوف تتحول حياتك إلى سعادة لم تتوقعها من قبل ؟ جرب ولن تندم أبداً.

أما إذا كنتِ زوجة فعليكِ بالأمل وسوف تجدي حياتك مختلفة عما تتوقعين تماماً، فعندما تعملين على بث روح الأمل في زوجك وأبنائك سوف تجدين زوج مختلف وأبناء مسالمين وهنا سوف يصبح بيتك نابض بالحب والحنان.

وأنتِ كزوجة إذا أردتِ أن تجعلي زوجك اقرب إليك وأكثر حباً وحناناً فقط كوني تلك العاقلة التي تبث روح الأمل وتنشر عطر التفاؤل بين أحضان زوجها وسوف تجدين شخص أخر تماماً، فهو سوف يحبك أكثر من ذي قبل وتبدأ العلاقات بكل أمل بالترابط والاندماج ويصبح ما بينكم أعمق وأقوى من ذي قبل وحتى مع أولادك لتجعلي الأمل فيهم ، إنني أتذكر عندما قرأت عن أم الإمام الشافعي عندما كانت دائماً تشجعه وتعمل من اجل أن يتعلم هذا الرجل الذي وضع مذهب من مذاهب الفقه الرائعة وغيرها في التاريخ سوف تجد الكثير من الأمهات اللاتي جعلن من أولادهن عظماء فهذه أم (تومس أديسون) تشجعه حتى وصل إلى ما يريد وأنا أقولها بكل صدق أن المرأة لها تأثير غريب على الرجل وبالتحديد عندما يصاحب هذا التأثير حنان و أمل .

إن كثير من المشاكل في بيوتنا تكمن في عدم الأمل وعدم السماح للطرف الأخر حتى بالتفاؤل وهنا يبدأ الخلاف على أسباب بسيطة ، لذلك فالحل السهل والفوري هو الأمل وبث التفاؤل في كل من حولك من أفراد الأسرة والأصدقاء وأبناء وزوجة وكل البشر في هذا الكون ، ولن أنسى أبداً عندما أكون في عمل ما ويشاركني احد هذا الأمل الجميل وأجد كل من حولي في العمل يريدون أن يعملوا معي ويساعدوي حتى لو لم يفعلوا العمل على أكمل وجه فهم تلقائياً يعملون على إصلاح أخطائهم لأنهم يعلمون من داخلهم اني سوف اساعدهم ، ويتحول العمل إلى حماس ومتعة غير عاديين وتظهر القدرات الكامنة والخارقة أيضاً .

من الممكن أن يستوقفني الكثير من البشر ويقولون في صوت واحد : لماذا كل هذا الأمل والتفاؤل الذي تحاول إقناعنا به ألا ترى الظروف من حولنا وتدهور السياحة والاقتصاد والسياسة والاجتماعيات والصناعة إننا في عصر لم يشهد التاريخ من قبل في سوءه وغرابته، وأنا أريد أن أقول كلمة واحدة للرد : ماذا سوف نفعل؟ هل سوف نظل واقفين نبكي ونحفر قبورنا بأيدينا على هذا الواقع الأليم أم نتحرك ونعمل ونحاول حتى ينتهي اجلنا ونحن راضيين عن أنفسنا أننا حاولنا فعل شيء؟! ، والغريب أن كل منا سوف يموت ، فمنا من ينتهي وهو متشائم ولم يرى يوم جميل في حياته ومنا من يذهب من الدنيا وقد ترك ورائه أمل يكفي ليدفع البشر جميعاً وهو سعيد تماماً ، إننا سوف نعيش حياة واحدة في هذه الدنيا فلماذا لا تكون أجمل حياة، لماذا ننظر دائماً إلى الكوب الفارغ ولا ننظر إلى أنفسنا وهذا الجزء الممتلئ في حياتنا بالقدرات والإمكانيات ؟، إن الله عز وجل قد انعم علينا بكم كبير من هذه القدرات لنعمل ونحاول ونجتهد ، انك اشرف المخلوقات على وجهة هذه الكوكب وتمتلك القدرات اللازمة لتغيير للأفضل؟ وبقية المخلوقات هي فقط تابعة ولا تملك هذا الاختيار فلماذا تقف وتعطل تلك القدرات التي بداخلك .

ابدأ بكل أمل وتفاؤل واعمل واجتهد مهما كان عمرك أو دورك في هذه الحياة من الأب أو الأم أو بنت أو خال أو عم أو طبيب أو مهندس أو أي كنت ابدأ وكن أنت الأمل لكل من حولك ونفسك حتى تصل إلى تلك السعادة التي تكمن بداخلك.

إن الأمل والتفاؤل وجهان جميلان لعملة واحدة من السهل جداً الحصول عليها في أي زمان كان ،وهما العملة التي تصلح أن تستخدمها في أي مكان في هذا العالم وأيضا في أي زمان وكما قال (كونستاس فوستر) “لا بقاء في الحياة الدنيا لغير ثلاثة..الإيمان والأمل..الحب” ،وللحصول على الأمل في حياتك فقط عليك أن :

1- عش مع الأمل :

أكثر من صحبة المتفائلين وتعلم منهم ، اقرأ عن الأمل وشاهد البرامج التي تجعل الإنسان يتفاءل ويتعلم بأمل وروح جميلة ، وابتعد عن البرامج التشاؤمية والصحف التي تجعلنا ننظر إلى العالم بطريقة سيئة .

2- انظر إلى كل من حولك بطريقة جديدة :

إن أهم الأفكار التي تساعدك على الوصول والعيش في حالة من الأمل والتفاؤل أن تنظر إلى الجمال في هذا الكون وفي أفعالك الايجابية وإذا فعلت شيء سلبي فتذكر أن هناك من فعل أسوء منه وابدأ على الفور بالتوبة الصادقة المفعمة بالأمل للوصول إلى الفعل الايجابي الذي تريد ومما يساعد على هذا النظر في المشاهد الطبيعية والتفكير في خلق الله الجميل .

3- التخيل الايجابي :

إن التخيل بأننا نعيش بالأمل يجعل عقلنا دائماً يشعر بالأمان وما هي إلا مدة من الزمن ويتحول هذا التخيل الايجابي إلى تفكير يجذب لنا الواقع لذلك من اليوم ابدأ بالتخيل لهدفك في الحياة وتخيل انك فعلاً تحقق منه ما تشاء وأيضاً تمتلك من الأمل والتفاؤل ما يكفي لحل مشاكلك ومارس هذا التخيل يومياً وسوف تجد الفارق .

4- ابتسم لكل من حولك :

إنها طريقة سهلة جداً لبث التفاؤل في أنفسنا ولكل من حولنا فقط عليك أن تبتسم وحاول مع هذه الابتسامة التي من الممكن في بادئ الأمر أن تكون مصطنعه من أن تبدأ في الشعور بان هذه الابتسامة من داخلك وان الحياة ممتلأة بالأمل والسعادة وتذكر كل ما قرأت عن الأمل في هذه اللحظة .

أختم كلامي بقول الأستاذ فتحي رضوان وهو يقول(إن التفاؤل هو مادة النصر في كل معركة ، وفي كل نهضة..فعلى المتشائمين أن يعيشوا وحدهم .. فإن المجتمع الجديد مجتمع تقوم دعائمه وأمجاده على التفاؤل).