brain

 

لا أقصد بهذا العنوان الغريب هو زيادة حجم الدهون بداخل المخ، فكما نعلم بأن الله قد خلق المخ من نوع معين من الأنسجة الذي لايسمح بتكاثر أي خلايا دهنيه بداخله مهما زاد وزن الشخص وإن كنا في بعض الأحيان نطلق على من يتأخر في الفهم أو يسئ التصرف في مواقف تستدعي سرعة رد الفعل أن مخه تخين كنوع من الدعابه أو ربما السباب.

ما أقصده هنا أن الإحساس بالسمنة يبدأ من المخ وهذا الشعور يعتمد على الصورة التي يكونها المخ عن شكل الجسم وتكوينه وهذا الشعور هو السبب الرئيسي وفي بعض الأحيان يكون السبب الوحيد لطلب المشورة الطبية بهدف التخلص أو تحسين الصورة التي يرى بها المخ جسمه.

دعونا نوضح المعنى أكثر بأمثلة عملية و واقعية

قد تجد إمرأه في الـ 35 من عمرها يصل وزنها الى مايقارب الـ 130 من الكيلوجرامات و قد تكون تعاني من أثار زيادة الوزن في الشكل و في المجهود وفي الصحة العامه ورغم ذلك نجدها لا تبحث عن أي مشورة طبيه لحل مشكلتها مع الوزن بل أنها تعتقد في قرارة نفسها وفي كل كلامها مع أصدقائها وأقاربها بأنها تمتلك جسم متناسق وإن كان به القليل من الإمتلاء وأن خسارة بعض الكيلو جرامات القليلة سيعود بها الى سابق عهدها من الرشاقة والجمال.

مثال آخر لإمرأه في نفس العمر يبلغ وزنها حوالي 70 من الكيلو جرامات ويبدو جسمها متناسقا الى حد كبير ولاتعاني من أي أعراض صحية لزيادة الوزن ورغم ذلك فهي تشعر في قرارة نفسها وفي كل كلامها مع أصدقائها وأقربائها بأنها تعاني من السمنة الشديده بسبب بعض الكيلو جرامات القليلة من الدهون اللتي تتركز في منطقة البطن أو الأرداف وقد يصل بها الحال الى الإنعزال أو الإكتئاب أو طلب المشورة الطبية المرة تلو المرة من أجل حل هذه المشكلة.

 

من هذين المثلين – وغيرهما كثير من الأمثلة التي يراها يوميا الممارسون لطب علاج و جراحات السمنة – يتضح لنا أن المصدر الأساسي لمشكلة السمنة هي الصورة الذهنية التي يكونها العقل عن شكل الجسم وتكوينه وأن المدخل الأساسي لحل المشكلة والذي يجب أن يسلكه جميع الممارسين الطبيين هو مساعدة المريض على رسم الصورة الذهنية الصحيحة للجسم وتكوينه.

ففي الحالة الأولى فإن الشرح الوافي والدقيق لما تمثله حالة الزيادة الشديدة في الوزن وخطورتها على صحة و حياة المريضة بل وإيضاح أثارها المستقبلية المتوقعة على الحياة الإجتماعية و العائلية للمريضة قد يعيد تكوين الصورة الذهنية للمريضة عن جسدها ويزيد من فرص إقتناعها بأهمية العلاج بل قد يؤدي الى توليد الحماس اللازم لإتباع تعليمات الطبيب أثناء العلاج مما يحسن من النتائج المرجوة للعلاج أو الجراحة الموصوفة.

في حين أن مهمة الممارس الطبي في الحالة الثانية تصبح أكثر أهمية وأشد تعقيدا وذلك عن طريق رسم الصورة الذهنية الصحيحة للمريضة عن جسدها بل ومساعدتها على التخلص من مشكلتها مع السمنة الموضعية عن طريق بعض الوسائل البسيطة الأقل كلفة وخطورة مثل شفط الدهون مثلا حتى لاتقع في براثن بعض المتاجرين بالممارسة الطبية فيقوم بإستخدام وسائل أكثر كلفة وخطورة إستغلالا للصورة الذهنية التي كونتها المريضة عن نفسها والتي يعرف جيدا كيف يقوم بإستغلالها من واقع خبرته ومماراساته الشيطانية.

في النهاية … فإن علاج السمنة رغم جاذبيته للمرضى والأطباء على حد سواء الا أنه قد يكون في غاية التعقيد أحيانا ويصعب فيه القياس على حالات أو نتائج أخرى فكل مريض له خصوصيته وخصوصية مشكلته التي يجب أن يفطن لها الطبيب المعالج فيتصرف بناءا عليها بكل مايحمل من خبرة العلم والممارسة.

مع تمنياتنا لكم بالصحة و السعادة