صحة القلب فى فصل الشتاء

القلب هو محور رئيسى لصحة و حيوية الانسان و من المعلوم لدى الغالبية أن صحة القلب تتأثر بعوامل كثيرة جدا منها النشاط البدنى و العضلى و بالطبع الحالة النفسية و من هذه العوامل التى تؤثر على صحة القلب درجة الحرارة . و قد لوحظ أن درجة الحرارة المنخفضة أو البرودة الشديدة قد تؤثر على كفاءة عضلة القلب لدى البعض بكيفية ما .و من هنا ، نوجه بعض النصائح لآبائنا و أمهاتنا و شبابنا على كيفية المحافظة على سلامة قلوبهم في فترة الشتاء ، لأن بعض الأشخاص قد يعانون من تداعيات البرد أكثر من غيرهم .

بعض الناس يعانون من ضعف في قدرة الجسم على تحمل البرد و التكيف معه ، و من ضمنهم الذين يعانون فقر الدم بسبب نقص الحديد ، فيشعرون بالبرودة أكثر من غيرهم ( معدل كاف من الحديد الأساسي في عملية تدفئة الجسم ) . كما أن المدخنين أيضاً يشعرون بالبرد أكثر من غيرهم بسبب التأثير السلبي للنيكوتين و الذي يساهم في تقلص و انقباض الأوعية الدموية و عدم توزيع الدفء بشكل أفضل ، و أيضاً الأشخاص الذين يعانون مرض ارتفاع ضغط الدم ، حيث لا يتوزع الدم بشكل كاف في الأطراف فيشعرون ببرودة شديدة في تلك المواقع بالذات .

مرضى القلب فى فصل الشتاء و البرودة

القلب هو أكثر من يعاني هجمة البرد القارس

القلب يتحمل العبء الأكبر في توزيع الحرارة على جسم الإنسان في الشتاء القارس ، حيث يتوجب عليه أن يضاعف من عدد الانقباضات لكي يساعد الجسم في التكيف ؛ من المعروف علمياً بأن نقص درجات الحرارة يرفع نبضات القلب حوالي ما متوسطه 15 نبضة في الدقيقة و يرفع الضغط حوالي 30 ملم ، من جهة أخري ، يزداد استهلاك عضلة القلب من الأوكسجين و تتراجع تروية القلب من الدم بحوالي 10% بسبب زيادة الجهد المبذول من عضلة القلب على كمية الأوكسجين المنقولة بالدم خلال تلك الفترة ( مقارنة بفترة الراحة ) بل و يزداد ذلك الجهد على القلب كلما تدنت درجة الحرارة على وجه العموم .

و أما ارتفاع الضغط فيأتي كمحاولة لإنتاج الحرارة الداخلية و توزيعها إلي أن تبلغ مرحلة تفاقمية من برودة الأعضاء الداخلية ، حيث يبدأ الجسم في فقدان المقاومة و هبوط الضغط و هبوط نبضات القلب ثم فشل القلب ، و تجمع السوائل في الرئتين ثم توقف القلب .

هذا ما قد يحدث مع القلب السليم فكيف إذاً في حالة القلب المتعب أو القلب الذي يشكو من علة في الشرايين التاجية التي تمده بالأوكسجين ؟ عندها ، يكون الضرر مضاعفاً حيث تظهر أعراض الاحتشاء القلبي خلال ساعات الليل ، و في أثناء التعب و الجهد ، تحدث النوبات و الذبحات الصدرية .

كبار السن أكثر عرضة لتأثير البرد على القلب

في المراحل المتقدمة من العمر ، حيث يشكو أغلب الناس من أمراض القلب و الشرايين ، تتجلي مضاعفات الشتاء القارس على الصحة ، فارتفاع الضغط و تسارع نبضات القلب ” لنفس درجة البرودة ” هو ضعف ما يحدث عند الشباب كما أظهرت الأبحاث الطبية ، و بالمقابل فإن إنتاج الطاقة الحرارية الداخلية لدي هؤلاء أقل من إنتاج الشباب بكثير . أي أنه في حال وجود شاب و شخص من كبار السن في غرفة واحدة ، يأتي تأثير انخفاض درجة الحرارة على المسن واضحاً و جلياً على الصعيد الصحي بينما لا يتأثر الشاب بنفس الدرجة . أيضاً فقدان كبار السن للحرارة أو الدفء ، أسهل بكثير مقارنة بالأشخاص في فترة الشباب ، خلال موسم البرد الشديد ، تخيلوا ما قد يحدث لشخص يشكو من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم و ارتفاع سكر الدم و تضيق شرايين القلب ! في الحد الأدنى ، يكون أكثر عرضة للإصابة بالأزمة القلبية .. فحينها ، يكون القلب عرضة لزيادة الجهد و النقص في الأوكسجين المغذي لعضلته ، و أما البرودة و التعب و التضييق في الشرايين التاجية ، فتأتي لتضيف إلي الأعراض المسببة للذبحات الصدرية .. أضف إلي ذلك ، أن البرودة تجمل الشخص متوتراً مما يؤثر على تفكيره ، فلا يستطيع تقدير الأمور كما يجب و لا درجة خطورة الوضع الذي هو فيه .

و قد أثبتت الدراسات المبنية على ملاحظات للعديد من مرضى القلب كبار السن أنه عندما يتعرض هؤلاء لبرودة شديدة و في مراحلها المتقدمة ، قد يبدأون بنزع ملابسهم و التخفيف منها بسبب التشويش الذهني الى يعانيه هؤلاء ، بالإضافة إلي أنهم ينسون تناول أدويتهم أو يخطئون في كمياتها و مواقيتها و نوعياتها مما يفاقم من الأزمة.

أعراض تأثر الجسم بالبرودة

يقل النشاط و تتباطأ الحركة ، ثم يبدأ اصطكاك الأسنان و ارتعاش العضلات ، و ذلك لإنتاج مزيد من الطاقة الحرارية ، ثم يظهر الإعياء و التعب فعدم القدرة على التركيز سواء في إمساك الأغراض المحيطة أو في طريقة استعمالها مثل ” الاتصال بهواتف الطوارئ ” و أشد نوبات البرودة في الشتاء هي التي تترافق مع درجات حرارة منخفضة و رياح سريعة ناشطة ، بحيث تزيل هذه الرياح أي طبقة من الحرارة قد يولدها الجسم حول نفسه .. و مما يزيد ” الطين بلة ” ، الرياح المصحوبة بالمطر بحيث يصبح فقدان الحرارة أسرع و أشد ، مقارنة بالحالة التي يكون فيها الجو بارداً و جافاً ساكناً . فالرياح الباردة لها تأثير ضار جدا على القلب . مثلا ، رياح سرعتها 48 كلم في الساعة مع درجة حرارة صفر مئوية ، تعادل تأثير برودة من 12 درجة تحت الصفر مئوية !!

تزداد جلطات القلب في الشتاء القارس أكثر منها في الصيف الحار

يزداد حدوث جلطات القلب بنسبة 7% لكل تدني من عشر درجات مئوية في درجة الحرارة الصغرى و ذلك تسبب زيادة الأدرينالين لرفع الضغط و توليد المزيد من الطاقة ، و كذلك زيادة الصفائح الدموية و لزوجة الدم نسبياً بل إن بعض الدراسات العلمية قد وجدت ما يلي : كلما ازداد الفارق بين درجات الحرارة الكبرى و الصغرى فى نفس اليوم في الشتاء ( تقلبات الحرارة في نفس اليوم ) ، ازدادت زيارات مرضي القلب لأقسام الطوارئ .

و أكثر هؤلاء تأثيراً ، كبار السن و الذين يعانون مرضي الألزهايمر لنقص ادراكهم لما يحدث حولهم و عدم عنايتهم بأنفسهم أو تلقيهم عناية بصورة كافية و كذلك من يعانون مضاعفات قلبية سابقة مثل الرجفان الأذيني هم أكثر عرضة للاصابة بجلطات القلب فى الشتاء البارد .

نصائح هامة لمرضي القلب في الشتاء

  • ينصح مرضي القلب في الشتاء بتدفئة أجسامهم و منازلهم قدر المستطاع ، فكبار السن و بالذات مرضي القلب هم أكثر الناس تعرضاً لمضاعفات الشتاء القارس .. فإذا كانت درجة حرارة الغرفة أقل من 20 درجة مئوية ، أثرت سلباً على صحة كبار السن .
  • لا يجدر أن تعتمد على الملابس الصوفية فقط و إن كانت لتساعد المسن في حفظ حرارة جسمه فوق ال 30 درجة مئوية ، فهي لا تفيده كثيراً عندما تكون درجة حرارة الغرفة ما دون الـ 20 درجة مئوية . فتدفئة المكان ضرورة لا غنى عنها .
  • يجب أن يبتعدوا قدر الإمكان عن الجهد البدني الكبير ، مثل إزاحة الثلج أو حمل أكياس ثقيلة و أن يتجنبوه الانفعالات النفسية و الضغوط العصبية و يجب عليهم الانتباه إلي ضغط الدم باستمرار و بانتظام ، و شرب السوائل الدافئة التي تزيد من إنتاج الطاقة الحرارية الداخلية .
  • يجب الانتباه إلي تدفئة الرأس و القدمين بما يناسبهما من ملابس تحمي من لسعات الشتاء القارس ، لئلا يصابوا بعضة البرد أو تثلج الأطراف و لئلا يحدث تلف في الأنسجة الجلدية المكشوفة ( مواقع الأذنين و الأنف و أطراف أصابع اليدين و القدمين )
  • في حالة الإصابة بأعراض الزكام و الأنفلونزا ، يجب تناول أدوية مضادات الاحتقان بحذر و تحت اشراف الطبيب، لأن أغلب الأدوية هذه ، ترفع من ضغط الدم و قد تسبب الخفقان ، لذلك ، يجب مراقبة الضغط بانتظام عند هؤلاء المرضي .
  • يجب ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة أو المعتدلة بانتظام شرط عدم الإجهاد ، و لا يجدر التوقف عن ممارستها بسبب الشتاء .
  • من أسوأ التصرفات التي من الممكن أن يؤذي بها الإنسان نفسه ، التدخين في فصل الشتاء ، حيث يزيد العبء على القلب المجهد أصلاً و يرفع الضغط أكثر مما هو عليه .

و الــخــلاصــة :

لبرودة الجو تأثير كبير علي صحة القلب ، و عليه ، يجب معرفة عوامل الخطر كما و محاذير التعرض للفحات البرد القارس و تحديد فئات الأشخاص التي يجب التركيز عليها في مجال الوقاية من مضاعفاته .

مع خالص تمنياتنا لكم بالصحة و السعادة . . .