دور المناعة فى الوقاية من السرطان

فى النصف الثانى من القرن الماضى حدثت طفرة هائلة فى ابحاث علم الخلايا كشفت تفاصيل مذهلة عن الطريقة التى تتكاثر بها الخلايا وتكون انسجة متشابهة او غير متشابهة فى جسم الانسان .
فخلق الانسان يبدا من خلية واحدة يندمج فيها الحيوان المنوى من الاب مع بويضة من الام , ثم تبدا الخلية فى التكاثر داخل الرحم الى بلايين الخلايا التى تكون اعضاء الجسم المختلفة فى الجنين ، و بعد الولادة يستمر جسم الانسان فى النمو حتى سن البلوغ حين تحدث طفرة فى البدن , ثم تستقر الامور خلال عدة سنوات ويتخذ جسم الانسان شكلة النهائى ، و تتجدد الخلايا باستمرار مع تقدم العمر فى معظم انحاء البدن .
وتحمل الخلايا فى جميع المراحل شفرة او خريطة طريق مخزنة فى كل خلية فى النواة وهذة الشفرة هى سلالة الخلية الام التى نشا منها الفرد , وهى مركبة من مادة الدنا ” دى ان اية ” DNA ” الموجودة فى كروموزومات النواة ، و هى تشكل خريطة الجينات التى تحدد صفات الجسم المختلفة و قدرته على التفاعلات الكيميائية الحيوية و هى شفرة تميز كل انسان عن الاخر مثلما تميزة بصمات الاصابع .

و قد حارت العقول فى كنة تلك الشفرة فهى من صنع الخالق القادر المقتدر , و كلما تعمقت الابحاث اكتشف الكثير من الحقائق المذهلة كما انفتح الباب لمزيد من التساؤلات . فتلك الشفرة قادرة على الحفاظ على نفسها من التلف ، و ان تصلح اى خطا يطرا عليها بفعل ملوثات البيئة او مع تكرار انقسام الخلايا وتقدم العمر . و لكنها فى بعض الاحيان تفشل فى ذلك وتبدا خلايا جديدة فى الظهور والانقسام بلا إنتظام و تتمرد على القوانيين الضابطة داخل الجسم و تكون الاورام .

الفرق بين الورم الحميد و الخبيث

الاورام قد يكون بعضها حميدا اى فى مكان محدد وغير قابل للانتشار و قريبة الشبه الى حد كبير من الخلايا الصلبة . وقد يكون بعضها خبيثا .. اى سريع النمو قابل للانتشار فى كل انحاء الجسم و خلاياه غريبة التكوين بعيدة الشبه بدرجة كبيرة عن الخلايا الاصلية و هذه تهدد حياة الانسان .
و جهاز المناعة فى الجسم لا يقل فى اعجاز التركيب عن الاورام , و هو يتكون اساسا من كرات الدم البيضاء التى تتولد باستمرار فى نخاع العظام وفى الغدد الليمفاوية , و تلك الكرات مكونة من فريق متكامل من انواع عدة من الخلايا تتخاطب فيما بينها عن طريق رسائل من المواد الكيميائية وتنسيق العمل كى تحمى الجسم من خطر أية خلايا او كائنات غريبة عنة او دخيلة علية .. و من تلك الكرات البيضاء خلايا المونوسيت الكبيرة الآكلة للبكتيريا والفيروسات .

الخلايا الليمفاوية و دورها فى الحماية المناعية ضد الأورام السرطانية

الخلايا الليمفاوية منها نوعين .

  1. خلايا ليمفاوية ب B
  2. خلايا ليمفاوية ت T

الخلايا ليمفوسيت ” ب ” التى تقوم بتصنيع اجسام مضادة مناسية لكل نوع من مسببات العدوى او الانسجة الغريبة الداخلية . و خلايا ليمفوسيت ” ت ” التى يتم تدريبها فى الغدة التيموسية على معرفة خلايا الجسم الطبيعية او الانسجة المزروعة فى الجسم من الخارج فتقوم بمهاجمتها وتدميرها .
و لكل نوع من خلايا الليمفوسيت خلايا تسمى بخلايا الذاكرة تقوم بحفظ ذاكرة خاصة عن كل عدوى جديدة او تجربة غير مسبوقة حتى يتم تدوين العلاج المناسب لها و حفظ ذاكرتة كى تستخدم عند اللزوم عند تكرار العدوى او الاصابة بالورم . و يبقى جهاز المناعة فى مواجهة الاورام ,, فقد بينت الابحاث انة يمكن انتبدا بعض الخلايا فى الجسم لسبب او لاخر مثل تلوث البيئة او الطعام او الغذاء او التعرض لاشعاعات ضارة فى التغير ويبدا الورم فى النمو . و بسرعة نتعرف عليه خلايا جهاز المناعة و تتعامل معه و تدمره و تخلص الجسم منه . و بذلك لا تظهر الاورام فى كثير من الاحوال .

[box type=”note” ]للاسف مع تقدم السن و فى حالات سوء التغذية و الامراض المزمنة و فى امراض معينة مثل مرض الايدز يضعف جهاز المناعة و هنا تبدا الاورام فى الظهور فى الجسم ، و تزداد سرعة نموها مع ضعف جهاز المناعة [/box]

كيف يتعامل جهاز المناعة مع الأورام .

تقوم خلايا الليمفوسيت بعمل مسح شامل دائب لخلايا الجيم باستمرار طوال مراحل الحياة لاكتشاف الخلايا السرطانية التى قد تظهر فى الجسم والتعامل معها . و تمر عملية التخلص فى الخلايا السرطانية بمراحل عدة .

  1. المرحلة الاولى : تتضمن التعرف على الخلايا السرطانية و اكتشاف انها تحدث تلفا فى الانسجة المحيطة بها , يلى ذلك احداث رد فعل على شكل التهاب فى تلك المنطقة يحدثه جهاز المناعة مع استدعاء خلايا ليموسيت ” ت ” القاتلة للخلايا السرطانية اتحيط بها وتدمرها .و استدعاء الخلايا الاكلة الكبيرة من كرات الدم ( المونوسيت ) لاتلهام الخلايا السرطانية الخطيرة .
  2. المرحلة الثانية : تتضمن افراز مواد كيميائية قاتلة للخلايا السرطانية مثل مادة انترفيرون جاما و الكيموكينات , وتقوم تلك المواد بسد الاوعية الدموية المغذية للخلايا السرطانية و منع تكون اوعية جديدة و تقوم الخلايا الاكلة بالتخلص من فضلات الخلايا التالفة .
  3. المرحلة الثالثة : فيها يتم تبادل تنشيط الخلايا القاتلة والخلايا الاكلة لبعضها حتى يتعاظم تاثيرها .
  4. المرحلة الرابعة : فيها تهاجم خلايا متخصصة من نوع ليمفوسيت T القاتلة ما تبقى من الخلايا السرطانية وتقوم باحداث تحلل لها .
    و فى حالة الصحة ينجح جهاز المناعة فى مهمتة و لكن فى حالات خلل ما فى الصحة او فى الجهاز المناعى فغنه يفشل مما يؤدى الى نمو الاورام السرطانية .

و ختاماً نقول أن الاورام لا تقف مكتوفة الايدى امام جهاز المناعة بل هى تقوم بالتحاليل علية و مقاومتة ومحاولة الهروب من تاثيره المدمر ، فقد تقوم بعمل جدار من الخلايا حولها يمنع جهاز المناعة من التعرف عليها . و هناك حيلة اخرى تلجا اليها الخلايا السرطانية و هى افراز مواد كيميائية مثبطة لجهاز المناعة فى الجسم ,, كما قد تلجا الى مهاجمة الجسم كما قد تلجا الى مهاجمة خلايا الليمقوسيت التى تتعرف عليها وتفتك بها و بالتالى فهى حرب حقيقة شرسة بين خلايا الاورام وجهاز المناعة ، و المحصلة النهائية من صحة او مرض ترتبط باى منهما تكون له الغلبة .

 

مع خالص تمنياتنا لكم بالصحة و السعادة . . .