لعله لايخفى على الكثير منا أن السبب الرئيسي الذي يمنع كثير من المصابين بالسمنة المفرطة من إجراء عمليات جراحية للتخلص من السمنة المفرطه ومما يعانونه منها من أمراض ومن معاناه شديده على المستوى النفسي والشكلي وحتى نظرة المجتمع لهم هو أسعار تلك العمليات الجراحية التي تصل في مصر الى عشرات الألاف من الجنيهات … وهو السعر الذي لايستطيع معظم المرضى تحمله وخاصة أن السمنة المفرطة تصيب كافة طبقات المجتمع من الأغنياء ومتوسطي الحال وكذلك الفقراء أيضاً بل أن تبعاتها تصبح أكثر تأثيرا على الفقراء ومتوسطي الحال بسبب ضعف القدرة على العمل وبسبب الإنفاق على العلاج من الأمراض المصاحبه للسمنة كأمراض القلب والضغط والسكر والمفاصل وكثير من الأمراض الأخرى التي تنتج من السمنة بطريقه مباشره أو غير مباشرة .
ولايرجع إرتفاع أسعار تلك العمليات في معظم الأحوال لجشع الجراحين كما يعتقد معظم الناس – وإن كان هذا هو الحال في بعض الحالات التي قد يصل فيها أجر الجراح الى مئات الألوف من الجنيهات – بل يرجع في معظم الأحوال الى إرتفاع أسعار المستلزمات الطبيه المستورده من الخارج والتي تستعمل لمرة واحده فقط في هذه الجراحات والتي لا يوجد لها بديل آمن يمكن شراءه من السوق المحلي وكذلك بسبب أن إجراء هذه الجراحات لاينبغي أن يتم الا في مستشفيات مجهزه وتتوافر فيها كافة الإحتياطات اللازمه للتعامل مع مثل هذا المريض المثقل بالأمراض من قبل إجراء الجراحة أساساً ومع هذه النوعيه من الجراحات الكبيره التي تتطلب نوعيه معينه من التجهيزات في غرف العمليات أو حتى في غرف الإقامه مابعد الجراحه وكل هذا هو ما يدفع هذه المستشفيات الى طلب مبلغ أكثر من المال مقابل ماتطلبه في الجراحات العادية الأخرى .
أما السبب الرئيسي الأخير لإرتفاع أسعار مثل هذه الجراحات هو إن إجرائها يتطلب مهارات خاصة من الجراح أو الطاقم المساعد أو من أطباء التخدير وهذه المهارات تتطلب جهد ووقت طويل من التدريب والممارسه والخبره وهو مايرفع بالتبعية أجور القادرين على إجراء مثل هذه الجراحات بالكفاءه والأمان المطلوبين ..
ورغم إبتداع أنواع من الجراحات منخفضة التكاليف والتي من أشهرها عملية تدبيس المعدة التي يتم إجرائها على نطاق واسع في مصر ولكنها للأسف لاتخلو من بعض المضاعفات الخطيرة والتي تحدث بنسبة أكبر من أنواع العمليات الأخرى ونتائجها أيضاً أقل بكثير من الجراحات الأخرى الأكثر سعرا من حيث كمية الوزن المفقود أو من حيث القدره على الإحتفاظ بالوزن المفقود مع مرور السنوات أما أهم مشاكل تلك الجراحه فهي نوعية الحياه التي يحياها من قام بإجراء عملية تدبيس المعدة فهو جائع طوال الوقت وعندما يأكل يأكل الى الحد الذي يجعله يشعر بالشبع يبدأ في الدخول في نوبات متوالية من القئ المتواصل وقد يدخل في دائره مفرغه من الجوع والأكل والقئ مما يؤثر الى حد كبير على حالته النفسيه والصحيه أو قد يضطره الى تناول طعام شبه سائل أو مضروب في الخلاط ماتبقى من حياته كما أن هذه العمليه بالذات يصعب إجرائها عن طريق المنظار الجراحي بسبب أسباب تقنيه ولا يمكن إجرائها الا عن طريق الشق الجراحي بمشاكله المعروفه كالتهاب الجرح أوتأخر ألتئامه أو حدوث فتق جراحي بعد فتره من إجراء العمليات وكل هذه المضاعفات تزيد نسبتها بصوره كبيره في الأشخاص المصابين بالسمنة المفرطة وكل مايتم إجراءه من هذه الجراحة عن طريق المنظار الجراحي هو نوع من أنواع التغيير في شكل وطريقة إجراء الجراحه ولكنه لايقوم مقامها من حيث المفعول أو حتى من حيث القدره على الإستمرار في فقدان الوزن.
من هنا كان الهاجس الأكبر للقائمين على تلك الأنواع من الجراحات هو تخفيض أسعار تلك الجراحات حتى يمكن إجرائها لقطاع أكبر من المرضى عن طريق تقليل أعداد المستلزمات المطلوبه أو المخاطره بإجرائها في مستشفيات غير مجهزه أو حتى عن طريق تخفيض هامش الأجر الذي يحصلون عليه … ورغم كل ذلك فلازالت تلك الجراحات تجرى بأسعار عالية وبعدد أقل من المفترض بسبب أسعارها وبالرغم من جدواها الإقتصاديه على المدى الطويل بالنسبه للمصاب بالسمنة المفرطة أو حتى للدول التي تعاني بكثرة من زيادة عدد المصابين فيها وهو مادعى بعض دول الخليج وبعض دول أمريكا وأوروبا الى تخليق نظام يسمح بإجراء هذه الجراحات لمواطنيها مجانا تفاديا للمبالغ التي ستنفقها هذه الدوله في الرعايه الصحية والإجتماعيه لهؤلاء المواطنين في المستتقبل من جراء الأمراض التي يعانون منها.
أخيراً ،،، فقد قمت أنا والفريق الطبي المعاون لي بتطوير إحدى الجراحات لتجمع بين عملية تكميم المعدة المرتفعة التكاليف والقليلة المضاعفات نسبياً وعملية تدبيس المعدة المنخفضة التكاليف والكثيرة المضاعفات نسبياً بحيث نتلافى الكثير من المضاعفات التي تحدث بعد إجراء عملية تدبيس المعدة ونستفيد من الإحساس الدائم بالشبع الذي يحدث بعد عملية تكميم المعدة وقمنا بإجرائها على عدد من المرضى وحتى الآن تبشر بنتائج متميزه تقترب من نتائج العمليات المرتفعة التكاليف ويمكن إجرائها بسعر يماثل أسعار عملية تدبيس المعدة وعن طريق المنظار الجراحي بدون أي أعباء إضافيه على المريض وسنقوم بعرضها قريباً في المؤتمرات العلمية المتخصصة وعلى الجمهور علها تكون واحده من الجراحات الآمنة التي يمكن الإعتماد عليها لعلاج اهالينا المصابين بهذا الداء المتصاعد والمنتشر في الدول الفقيرة والنامية أو في الدول التي تعاني من ظروف إقتصادية صعبه كما يحدث الآن في مصر.
مع خالص تمنياتنا لكم بالصحة و السعادة . . .
دكتور محمد فتوح
استشارى جراحة السمنة و تنسيق القوام بالمستشفى الجوى التخصصى