سيظل الإنسان دائماً وكل حلمه أن يحيا حياة أطول بكثير بل ويعيشها وهو في صحة جيدة ومفعم بالنشاط والحيوية بغض النظر عن تقدمه في السن, ويجب أن تعلم هنا عزيزي القارئ أن الشيخوخة ليست مرضاً على الإطلاق وإنما هي مرحلة من مراحل حياة كل إنسان يتعدى عمره الستين عاماً حيث يبدأ جسمه وعقله مع مرور الوقت في الإتجاه هبوطاً لدرجة أنه قد يصل في بعض الأوقات إلى ما كان عليه وقت طفولته.

وهذه الفترة حساسة للغاية في حياة كل إنسان يمر بها حيث يشعر وقتها أنه عالة على من يرعاه ويعتني به ويشعر أنه أصبح شخص عديم الفائدة فقد توقف عن الإنتاج وتحول بالكامل إلى شخص مستهلك مائة بالمائة, لذلك وجب علينا أن نهتم جدا بشئون الشخص المسن إذا وجد في بيتنا وسوف نساعدكم في هذه المقالة في أداء ذلك على أكمل وجه ممكن.

متى تبدأ الشيخوخة وما هى العوامل التى تساعد على ظهورها؟

سبق وأشرنا أن المسن هو الشخص الذي تجاوز عمره 60 عاماً لكن يجب أن تعلم هنا أنه ليس ضرورياً أن كل من يتجاوز هذا العمر يكون قد دخل مراحل الشيخوخة, فهناك الكثير من المسنين الذين يتمتعون بصحة جيدة سواء جسمانياً أو عقلياً أو نفسياً, وعلى الجانب الآخر تجد أشخاص لم يقتربوا من هذا العمر وأصبحوا غير قادرين على أداء أي نشاط جسماني عادي وذلك لكثير من الأسباب التي ليست موضوع مقالتنا اليوم.

وجدير بالذكر أن المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان له الأثر الكبير في مرور الإنسان بمرحلة الشيخوخة من عدمه فعلى سبيل المثال تجد أن الإنسان الذي يعيش في الأماكن الريفية أقوى وأفضل حالاً من نظيره الذي يعيش في المدن.

ماهى أفضل الطرق التى تساعد على تهيئة المناخ المناسب لكبار السن؟

Nursing home

لا تقتصر رعاية المسنين على الأفراد فقط بل هي تقع على عاتق الجميع سواء جمعيات أو مؤسسات أو هيئات, وتكون مهمتهم هي تهيئة المناخ المناسب لهذا المسن بتقديم الخدمات التي يحتاجها سواء كانت إجتماعية أو إقتصادية أو صحية أو نفسية والتوقف عن النظر إليه على أنه عبء على كاهل الدولة.

ولننتقل معكم إلى السبل والطرق التي يمكن أن نرعى بها المسن الموجود في منزلنا وسوف نقسمها إلى نقاط للحصول على إستفادة أكبر.

1 . التمارين الرياضية

يجب أن نحافظ على صحة المسن ونشاطه لذلك علينا أن نبحث عن البرنامج الرياضي الملائم لصحته حتى نساعده على الإلتزام به, فمن المعروف أن التمارين الرياضية لها دور هام في التقليل من إلتهاب المفاصل ومن المشاكل القلبية.

ومن أشهر التمارين الرياضية التي يحتاجها كبار السن؟

  • تمارين التحمل مثل المشي وركوب الدراجات
  • تمارين التقوية
  • تمارين المط التي تحافظ على مرونة الجسم
  • تمارين التوازن التي تساعد المسن على الحفاظ على توازنه وعدم السقوط أثناء الحركة

2 .التغذية

  • يحتاج المسن أكثر من غيره إلى المواد الغذائية التي تمد جسمه بالبروتينات والفيتامينات والمعادن فقد أثبتت بعض الدراسات أن المسن الذي يتبع نظام غذائي جيد ومناسب يقل إحتمال إصابته بالأمراض القلبية وأمراض ضغط الدم.
  • من المعروف أن المسن كلما تقدم في العمر يزيد وزنه وذلك بسبب الإنخفاض الواضح في النشاط المبذول مما يعني حرق سعرات حرارية أقل.
  • والمسن مع تقدمه في العمر تنخفض تدريجياً قوة حاستي الشم والتذوق فنجد أنه يميل أحياناً إلى إضافة الملح إلى طعامه حتى لو كان الطعام كثير الملح لكنه للأسف لا يشعر بهذا ولا يستطيع تمييزه, وعلى الجانب الآخر أيضاً تجده لا يستطيع تمييز درجة حلاوة الأطعمة فتجده يميل إلى إضافة السكر إلى طعامه ولعل هذا الضعف في حاستي التذوق والشم قد يعود إلى الأدوية اتي يتناولها وتؤثر بالسلب على هذه الحواس.
  • ويعد الجهاز الهضمي من الأشياء التي تؤثر على قوة الذاكرة والنشاط الذهني لدى المسن فمع التقدم في العمر يبدأ الجهاز الهضمي في التباطؤ وبالتالي يقل إنتاج اللعاب والحل الذي يساعد في معالجة هو تناول الفيتامينات والمعادن الضرورية لجسمه في هذا التوقيت.ً
  • يجب ألا نترك المسن وحيداً لفترة طويلة فالوحدة عامل أساسي في إصابة المسن بالإكتئاب الذي يؤدي بدوره إلى توقف المسن عن تناول الطعام وزيادة رغبته في الموت طمعاً في الراحة.
  • النظام الغذائي الصحي للمسن مفيد جداً له فهو يساعده على زيادة التركيز ويقوي مناعته ضد الأمراض ويقوي الأعضاء والعظام, كما تحميه من خطورة الاصابة بالأمراض القلبية وأمراض ضغط الدم وتقلل من إحتمالية إصابته بالزهايمر والسكر.
  • يجب أن ننتبه في رعايتنا للمسن من سوء التغذية فهو من المسببات الرئيسية في تدهور الحالة الصحية للمسن حيث يؤدي إلى إضعاف المناعة في الجسم مما يسهل الإصابة بالأمراض ويؤدي أيضاً إلى ضعف العضلات مما يسهل من حدوث الكسور فيها التي يصعب إن لم يكن مستحيلاً أن تلتئم بسرعة.
  • ويحدث سوء التغذية في الغالب بسبب وجود مشاكل في البلع والمضغ أو بسبب بعض الأدوية المستخدمة التي تؤثر في شهية المسن بالسلب, وللوقاية من سوء التغذية يمكننا أن نضيف بعض التنوع على الأطعمة الصحية التي يتناولها المسن وأن نتجنب أي سعرات حرارية غير مفيدة وأن نبتعد عن الأطعمة الغنية بالكوليسترول والدهون.
  • ويمكننا أيضاً أن نجعل المسن يتناول الفواكه الطازجة بدلاً من العصائر حتى يحصل على الفيتامينات الضرورية لجسمه, ويمكننا أيضاً حينما نختار الخضروات التي سيتناولها المسن أن نقوم بإختيار الخضروات ذات الورق الداكن الغنية بمضادات الأكسدة مثل السبانخ والكرنب وأيضاً الخضروات الصفراء والبرتقالية اللون مثل القرع والبطاطا والجزر.
  • أما بالنسبة لباقي الأطعمة التي يمكن أن يتناولها المسن وستكون مفيدة له فهناك البيض واللحوم الحمراء الخالية من الدهون والأطعمة البحرية.
  • يجب الحرص أيضاً عند رعاية المسن على الإحتفاظ بمستوى السوائل الطبيعية في جسمه فالمسن مع تقدمه في العمر يشعر بالعطش أقل من أي شخص آخر لذلك وتجنباً للإصابة بالجفاف يجب أن نحرص على أن يشرب المسن جرعة من الماء كل ساعة وبين الوجبات.
  • كما يجب الحرص على أن يستمتع المسن بتناول الطعام ولعل أفضل وسيلة لهذا هي تناوله مع العائلة فيمكنك على سبيل المثال أن تحدد وجبة أسبوعية يتناولها المسن مع أحفاده وأولاده وباقي عائلته فهذا سيجعله يتناول طعام أكثر ويهتم بهذه الوجبة وفي نفس الوقت يهتم بصحته حتى يستطبع أن يتناول معهم هذه الوجبة الاسبوعية ويستمتع بها.

3. الرعاية الصحية

  • يتعرض المسن عندما يتقدم في العمر لما يعرف بأمراض الشيخوخة التي تختلف من مسن لآخر حسب البيئة المحيطة به أو الصفات الوراثية التي إكتسبها من الآباء والأجداد أو حسب الرعاية الصحية التي يلقاها في المنزل أو في دور الرعاية.
  • ولينعم المسن بصحة أفضل يجب أن نساعده في الإلتزام ببعض الأشياء البسيطة مثل ممارسة الأنشطة الرياضية المناسبة لعمره والإعتياد على الحركة المستمرة وتناول الأغذية المناسبة فقط لعمره ولصحته.

4.الرعاية النفسية

  • مع تقدم المسن في العمر يتعرض لبعض المشكلات النفسية منها
  • الشعور الدائم والزائد عن الحد بالعجز ويتولد هذا الشعور لديه لأنه يشعر أنه لم يصبح بمقدوره أن يغير شئ أو ينتج شئ أو يفيد بأي شئ وأنه أصبح على الهامش ليست لدية أية صلاحيات, وأنه أصبح عالة على غيره لأتفه الأمور.
  • الشعور الزائد عن الحد بالقلق مما سيحدث له فيما بعد من ناحية حالته الصحية.
  • الإعتماد الزائد عن الحد على الغير فهو لا يطمئن لأي حركة يقوم بها لذلك وللحفاظ على صحته يتجه للإعتماد على الأشخاص من حوله في إنجاز ما يريده.
  • أحياناً تأتي فترات على المسن ويكون عنيد للغاية فيصر على رأيه بغض النظر عن صحته من عدمها.

ما هى الطرق الأفضل للتعامل مع المشاكل النفسية للمسنين؟

  • محاولة تشجيع المسن على أن يقوم بنفسه بتنفيذ ما يريده وألا يقلق وهنا علينا أن ندعم إحساسه بالطمأنينة وعدم الخوف.
  • محاولة التأكيد لكل من يحيط بالمسن أن هذا الشخص ليس طفلاً نفعل به ما نشاء ونسلب منه حقوقه بل هو شخص له حريته الشخصية وكيانه المستقل وقراراته الخاصة.
  • إشراك المسن في القرارات الأسرية وإستشارته والإهتمام برأيه فهذا يشعره أنه مازال مفيداً ووجوده في الأسرة له قيمة كبيرة.
  • يمكن أن نشرك المسن في النوادي أو الأماكن الإجتماعية التي تمكنه من تكوين صداقات جديدة بدلاً من أصدقاؤه الذين إبتعدوا عنه سواء بسبب الوفاة أو المرض أو السفر أو أي سبب آخر فهذا سيقضي على إحساسه بالوحدة والعزلة.
  • مساعدة المسن وتشجيعه على القراءة والإطلاع بهدف إبقاء عقله وذاكرته منتبهة على الدوام.

5 .نصائح عامة للتعامل مع المسن

  • عندما تتحدث اثناء وجودة في الغرفة حاول أن تتحدث بصوت واضح ومسموع فأغلب المسنين بعانون من ضعف حاسة السمع مع التقدم في العمر, وفي نفس الوقت عندما تتحدث هكذا فإنك تقوم بإشراكه في المناقشة وتشعره بوجوده وأهميته تجنباً لإنفصاله التدريجي عن الواقع في حالة عدم فعلك لذلك وتجاهله في الأحاديث الأسرية.
  • إحرص على راحته قدر ما تستطيع ففي وجودك لا تجعله يقف ويتحرك من مكانه لفعل شئ ما يريده بل ساعده وإفعله له.
  • حاول أن تستقبل كل أسئلته بكل هدوء وسعة صدر ولا تظهر له مضايقتك منها.
  • لا تتحدث معه أبداً كمن يأمره فذلك يؤثر على حالته النفسية تدريجياً, فقط قم بالتحدث معه بلطف وحاول أن تفهمه ما تقصده بكل هدوء.
  • لا تحاول الإصرار على مطالبته بالإسراع في إنجاز أمر ما, فقط إعطيه ما يكفيه من الوقت.
  • إعط المسن المساحة الكافية ليسرد قصصه وماضيه وتجاربه السابقة ولا تحرمه منها فهو يستمتع جداً عندما يجد من يستمع إليها ويظهر الإهتمام أيضاً لها.
  • كن دائماً حنوناً معه فهو في أشد الحاجة إلى الحنان والعطف في هذا العمر.
  • المسن مع تقدمه في العمر يبدأ إستيعابه للأمور في الإنخفاض فيحتاج وقت أطول حتى يستوعب ما يحدث حوله ويبدأ في التفاعل معه لذلك كن صبوراً معه ولا تتهمه باللامبالاة والبرود في المشاعر فهو لا يحزن بسرعة ولا يفرح بسرعة.
  • إبتسم دائماً في وجهه وإهتم دوماً بسؤاله عن صحته وعن أخباره وحاول مداعبته من وقت لآخر.
  • ضع نصب عينيك دائماً أنك في يوم من الأيام قد تجلس مكانه وتتصرف كما يتصرف هو تماماً.
  • يجب عليك متابعة تناول المسن للأدوية ولا تتركه يأخذها بنفسه فضعف بصره قد يجعله يتناول الجرعة بشكل غير صحيح وهذا لا نتمناه بالطبع.
  • لا تتضايق من قلة نومه فالمسن بطبيعة الحال تقل قدرته على النوم لساعات طويلة فتجده كثير الإستيقاظ ليلاً حتى في حالة نومه مبكراً مما يضطره إلى النوم لفترات متقطعة أثناء النهار لتعويض ساعات النوم التي لم يحظى بها في الليل.
  • لا تنسى أبداً أن برك بوالديك خاصةً في هذه المرحلة له ثواب عظيم أكثر مما تتخيل كما أنك ستكسب منهم دعوات مستجابة لا ترد.

وفي النهاية نتمنى لكل المسنين من آباؤنا وأمهاتنا وأجدادنا دوام الصحة والعافية والعمر المديد المفعم بالحيوية والراحة والهدوء.