رغم التطور الهائل و المستمر فى شتى مناحى الحياة و أن الخدمات المختلفة اصبحت أسهل كثيرا مما سب لكن لا يزال مشكلة ارتفاع تكاليف الحصول على الخدمات الطبية تمثل عائق كبير لدى الكثيرين فى حال الرغبة فى زيارة الطبيب .
و تزاداد هذه المشكلة وضوحا فى دول العالم الثالث و بعض الدول العربية ممن يعانى مواطنوها من مشكلة انخفاض الدخل بشكل واضح . لذا كانت هناك بعض المحاولات من الجهات المختلفة سواء الجهات الرسمية او منظمات المجتمع المدنى او غيرها لأجل تسهيل الحصول على الخدمة الطبية دون الاضطرار الى دفع كامل التكاليف و ربما يكون بصورة مجانية تماما فى كثير من الأحيان .
التأمين الصحى الشامل لتغطية تكاليف و اسعار العلاج
غالبية الدول العربية قد طبقت نظام التأمين الصحى الشامل الذى يتيح لكافة المواطنين او حتى المقيمين على اراضيها أن يتلقوا الكشف الطبى و العلاج اللازم فى أى وقت مهما كانت التكاليف الفعلية للعلاج . و يكون ذلك مقابل رسوم او اشتراك سنوى يدفعه المواطن او المقيم و فىاحوال كثيرة تقوم جهة العمل بسداد هذا الاشتراك للمواطن او المقيم .
و يعتبر هذا النظام ” التأمين الصحى الشامل ” هو الافضل على الاطلاق و الذى يفضل تعميمه فى كل مكان . لكن يعيبه أنه مقسم الى شرائح و انظمة مختلفة ” ذهبى ، فضى ، برونزى ” كل منها لها اشتراك نقدى مختلف و بعض انواع الاشتراكات له حد اقصى فى التكلفة العلاجية و بعضها لا يشمل اجراءات طبية معينة مثل علاج الأسنان و الأمور التجميلية .
المستشفيات الحكومية و دورها فى تقديم العلاج بأسعار منخفضة
و يظهر ذلك تحديدا فى مصر حيث جرت العادة أن تقوم المستشفيات الحكومية بتقديم كافة انواع الخدمات الطبية من كشف طبى و اجراء فحوصات معينة مثل الاشعة و التحاليل و حتى العمليات الجراحية المختلفة و العناية المركزة بأسعار زهيدة تتناسب مع قدرات محدودى الدخل من المواطنين . لكن يعيب هذا الأمر أنه مكلف للدولة بشكل كبير و كثيرا ما يحدث قصور فى الخدمة أو عدم توافر لبعض المستلزمات الطبية و الجراحية و العلاجية . كما يعيبه أيضا مشكلة عدم توافر بعض التخصصات الطبيةفى بعض المستشفيات مثل تخصصات جراحة العمود الفقرى و المخ و الاعصاب و جراحة القلب و الصدر .
لكن كانت هناك دائما محاولات مستمرة لأجل أن تصبح المستشفيات الحكومية مستوفية لكافة مقومات القيام بالدور الطبى و من هنا جاءت فكرة إنشاء أقسام خاصة داخل تلك المستشفيات ” الدرجة الممتازة ” و ” الدرجة الاقتصادية ” لأجل تحسين الخدمة بأكثر من شكل .
الدرجة الممتازة و العلاج الاقتصادى يساهمان فى تخفيض اسعار العلاج
بداية نوضح المقصود بالدرجة الممتازة فى المستشفيات الحكومية و هى عبارة عن قسم خاص يتم انشاؤه داخل كل مستشفى و يتم تجهيزه على أكمل وجه ممكن مع اضافة ما يمكن اضافته من وسائل الراحة و الرفاهية و الخصوصية لكل مريض . مع توفير أماكن للإفامة لأفراد الاسرة مع صرف وجبات طعام مميزة . و يكون ذلك مقابل دفع مبلغ مالى معين يختلف طبقا للائحة كل مستشفى .
و قد يتعجب البعض متسائلا كيف لذلك العلاج المدفوع الأجر أن يساهم فى تخفيض تكلفة العلاج و هنا يجدر الاشارة إلى أن هذا النوع من العلاج لا يتم تقديمه الا لمن يرغبون فى تلقي العلاج فى اماكن على درجة عالية من التجهيزات التى تتعلق بالرفاهية مع نفس الخدمة الطبية فى القسم المجانى و بدلا من أن يلجأ هؤلاء الى الاتجاه للمستشفيات الخاصة التى ترتفع تكلفة الاقامة بها لعدة مئات من الجنيهات فى اليوم الواحد مقابل حجز غرفة بسرير فقط بدلا من ذلك يقومون بتلقى نفس العلاج فى مستشفيات حكومية مقابل دفع مبالغ اقل بكثير و تذهب حصيلة تلك المبالغ الى خزانة المستشفى حيث يتم بها تطوير باقى الاقسام و الانفاق على الاقسام الأخرى و تزويدها بالمستلزمات الطبية او العلاجية و يصبح بإمكان المستشفى الحكومية توفير المزيد من احتياجات المريض و سداد تكاليفها بدلا من ان يضطر المريض لشراء المستلزمات و العلاجات من خارج المستشفى فتكون المحصلة أن قسم الدرجة الممتازة يساهم فى رفع الاعباء عن كاهل المريض .
المستشفيات الجامعية و دورها فى تقديم خدمة طبية مميزة بأسعار قليلة
تتميز المستشفيات الجامعية عن غيرها أن من يعلمون بها هم اساتذة الطب و اعضاء هيئة التدريس على اختلاف درجاتهم الوظيفية و يتميز هؤلاء الاطباء انهم على درجة عالية من العلم و الخبرة العملية بالاضافة الى ان الاطباء العاملون بالجامعات او المراكز البحثية دائما يكونوا على المام مستمر بأحدث ما توصل اليه الطب فى علاج الحالات المختلفة .
و نظرا لارتفاع قيمة الكشف الطبى فى عيادات الاطباء من اساتذةالجامعات فإنه بإمكان المريض ان يتوجه لتلقى العلاج اللازم عن طريق المستشفيات الجامعية التى تنتشر فى الكثير من المدن و المحافظات و تقدم خدماتها اما مجانا تماما او باسعار متاحة غير مبالغ فيها .
ماذا لو تعثر الامر و اضطر المريض الى اجراء تدخل طبى يكلفه ماديا ؟
فى بعض الامور و الاحوال خاصة عندما يكون المريض غير مشمول بمظلة تأمين صحى و لديه مرض مزمن يتطلب العلاج بصورة مستمرة مدى الحياة او اذا كان مضطرا لاجراء تدخل طبى مكلف مثل اجراء عملية جراحية او غيره و وجد ان المستشفى الحكومى تطالبه بسداد رسوم لا يقدر عليها هنا يلجأ المريض الى طريق آخر و هو ما يعرف بالعلاج على نفقة الدولة حيث يقوم بالتوجه الى مكتب شئون المرضى بالمستشفى العام و يقدم طلب برغبته فى الحصول على قرار علاج على نفقة الدولة و يتم استيفاء الاوراق من بحث اجتماعى و اقرار شخصى و غير ذلك و خلال ايام معدودة يصدر له قرار علاج على نفقة الدولة يمكنه من الاستفادة به علاجياً علما بان القرار يصدر لأجل علاج شخص واحد محدد بالإسم و لا يمكن استخدامه لأجل علاج شخص آخر .
دور الجمعيات الأهلية و منظمات المجتمع المدنى فى المساهمة فى تكاليف العلاج .
على مدار السنوات الأخيرة ظهر على الساحة عدة مؤسسات و جمعيات خيرية تهدف الى مساعدة غير القادرين من اصحاب الاحتياجات المختلفة و من ضمن المحتاجين هم اصحاب الامراض و الاعاقات المختلفة حيث تتلقى تلك الجهات بيانات من يرغب فى ذلك و يتم فحص اوراقه و بحث حالته و اذا تاكدت أحقيته فى الحصول على دعم مباشر او غير مباشر يتم توجيهه الى المكان الذى يقوم بعلاجه مجانا او بتكلفة منخفضة .
و ختاما و إن كنا نطالب بأن تشمل مظلة التأمين الصحى كافة المواطنين فى كل الدول فقد تم اقرار عمل بطاقة تأمين صحى لكل مولود جديد يستخرجها له الوالدين مع شهادة الميلاد و من المتوقع انه خلال سنوات قليلة سيكون لدى كافة المواطنين نظام التأمين الصحى الشامل و حينها لن يكون هناك اضطرار لما يعرف بإسم علاج على نفقة الدولة .
مع خالص تمنياتنا للجميع بالصحة و السعادة .