يعرف اضطراب الشخصية السادية بانه نمط غير طبيعى للشخصية يتميز بميل الشخص للعنف فى غالبية تصرفاته و الأهم من ذلك أنه يستمتع و يتلذذ بتعذيب الأخرين أو الحاق الألم بهم .

يشيع اضطراب الشخصية السادية بين الذكور أكثر منه فى النساء و يقابله نوع آخر من اضطراب الشخصية يعرف باسم المازوخية او الماسوشية و التى تعنى الخضوع التام حيث يستمتع الفرد بتلقى الألم او الاهانة بدرجة كبيرة قد تصل إلى تعذيب الذات !!!

غالبا ما تكون الاصابة بهذا الاضطراب فى سنوات الطفولة او المراهقة المبكرة و إن كانت الاعراض لا تظهر بوضوح الا فى المراهقة المتأخرة او الشباب و تزداد الاعراض وضوحا مع مرور الوقت و تهيئة الظروف .

و غالبا ما يكون اضطراب السادية مصحوباً باضطرابات نفسية اخرى يأتى فى مقدمتها الاضطراب ثنائى القطب و القلق النفسى و الوسواس القهرى و غيرها من الاضطرابات التى ينتج عنها ضعف و هشاشة فى بناء الشخصية .

اسباب الاصابة باضطراب السادية

من المحتمل ان الاسباب قد تكون بعض مما يلى :

  • عوامل وراثية ” استعداد جينى “
  • التعرض للعنف خلال الطفولة المبكرة .
  • الاحباطات المتكررة
  • خيبات الامل و عدم القدرة على النجاح فى تحقيق اى اهداف .
  • الاضطهاد سواء كان حقيقى او فى صورة ضلالات .

اعراض و مظاهر السادية

  • الحاق الألم النفسى و البدنى بالأخرين .
  • التلذذ بألم الآخرين و إذلالاهم .
  • التصرف بشكل عنيف أقرب أن يكون ممنهج بسبب او بدون سبب .
  • الصراخ و الصوت العالى و العنف البدنى تجاه من يرأسهم .
  • اهانة الآخرين خاصة فى وجود الغير .
  • العنف الجنسى فى بعض الحالات ” السادية الجنسية “

سمات الشخصية السادية

على عكس ما يتوقع البعض أن الشخص السادى هو شخص قوى شديد الثقة بنفسه و معتزا بقدراته لكن الواقع يؤكد عكس ذلك على الاطلاق فالشخصية السادية هى فى الواقع واحدة من أكثر الشخصيات ضعفاً و هشاشة تنكسر بل تتحطم تماما لتوافه الأمور .

و البعض يفسر هذا التناقض الواضح بين المظهر و الحقيقة و يرجعه الى ان ممارسة مظاهر السادية من العنف و التعذيب و الإذلال و غيرها ليست سوى تعويض لنقص داخلى سببه الاحساس الشديد بالضعف و الهشاشة و انعدام قيمة الشخص فى نظر نفسه قبل الآخرين .

و فى الواقع هناك عدد من السمات الخفية المميزة لهذه الشخصية كما يلى

  • القلق المستمر سواء كان قلق ظاهر او خفى
  • الدقة المتناهية حتى فى ابسط الامور و اقلها اهمية
  • سرعة الغضب و الانفعال .
  • ضعف الثقة بالنفس و غن كان كثيرا ما يظهر عكس ذلك
  • عدم الثقة بأحد فالجميع فى نظره خونة او غير جديرين بالثقة .
  • عدم احترام حقيقى للذات و ان كان يظهر اعتزازه بذاته لكنه فى قرارة نفسه قد يشعر بالضآلة او الحقارة .

هناك تصنيفات متنوعة لمرضى اضطراب الشخصية السادية لكنها فى النهاية تتفق جميعها على أن الشخص يتلذذ بتعذيب او اهانة الغير و رؤيتهم يتألمون حتى و إن كانوا من أقرب الناس له او افراد اسرته .

الحياة الاجتماعية للشخص السادى

ليس من قبيل المبالغة ان قلنا ان السادية صفة تتنافى تماما مع الحياة الاجتماعية الطبيعية و السادية تؤدى لا محالة لعزلة الشخص عن المجتمع سواء باختياره أو رغما عنه . فالمجتمع لن يقبل بشخص يقمع الأخرين و يمارس ضدهم العنف البدنى و النفسى طيلة الوقت و بلا مبرر .

و نظرا لأن صاحب الشخصية السادية هو فى حقيقته شخص ضعيف فإنه عندما يفشل فى الايقاع بضحاياه او وضعهم تحت مقصلة التعذيب الخاصة به فإنه غالبا ما يصاب بالإحباط و ينعزل نفسيا عن المجتمع الذى يفشل فى الإندماج فيه و التأقلم معه . و اذا ما صار الشخص السادى مندفعا و مارس ساديته فى المجتمع فإن ذلك قد يوقعه تحت طائلة القانون لينتهى به الحال أيضا الى العزلة الاجتماعية !!

الحياة الأسرية و الزوجية للشخص السادى

أما على الجانب الأسرى فالأمر لا يختلف كثيرا عن الجانب الاجتماعى فمن الصعب أن تتأقلم الاسرة على وجود أب او ابن يمارس العنف ضد باقى افراد الاسرة و من المستحيل ان تتأقلم الزوجة على ضرب او اهانات الزوج بشكل ممنهج و مستمر فتتأرجح المحصلة النهائية ما بين العزلة النفسية بين افراد الاسرة الواحدة او الطلاق الذى كثيراً ما يكون محطة النهاية للحياة الاسرية لمن يعانون هذا الاضطراب .

هناك حالات نادرة سجلت لأزواج ساديين مع زوجات ممن يعانين اضطراب معاكس و هو اضطراب المازوخية او الماسوشية و الذى يعنى قبول الاهانة أو التعذيب و التلذذ بذلك و مثل هذا الارتباط و ان كان فى ظاهره ارتباط بين شخصين يكمل كل منهما الآخر لكنه فى الواقع ليس سوى ارتباط بين مريض ( مضطرب نفسيا ) و مريضة ( مضطربة نفسيا ).

و بما ان مثل هذه الاضطرابات النفسية غالبا ما تكون مقترنة باضطرابات أخرى اكثر تعقيدا فتكون المحصلة ان مثل هذه الزواج لن ينتج عنه سوى فردين متجاورين فى المسكن دون حدوث خلافات بينهما لكنهما فى الواقع غير مؤهلين لتكوين اسرة سليمة و غير قادرين على تنشئة أطفال على اسس اجتماعية و اخلاقية قويمة .

علاج الشخصية السادية

بكل أسف نادرا ما يلجأ الشخص السادى لعلاج لأنه غالبا ما يكون غير مدرك لخطورة ما يعانيه و كذلك فهو فى العادة لا يستجيب لنداء المحيطين به و مناشداتهم له لتلقى العلاج . و فى الواقع تكون مسألة علاج السادية أمر غير بسيط و غير سهل على الاطلاق و ذلك نظرا لعمق جذور المشكلة و تغلغلها داخل الشخصية على مر السنوات .

و يرتكز العلاج بالاساس على جلسات الاستماع و التحليل النفسى و التعليم و التوجيه و الارشاد بصور مختلفة تتناسب مع طبيعة الشخص و لا بد أن يكون ذلك كله برغبة المريض و قناعته حيث لا بد من تعديل بعض المفاهيم لديه و منها صورته عن نفسه و عن الأخرين . و يكون ذلك مع علاج باقى اى اضطرابات نفسية أخرى كثيراً ما تكون موجودة فى نفس الوقت

و فى حال صمود المريض و استمراره فى تلقى العلاج و الجلسات و التدريبات النفسية فإنه غالبا ما يتعافى بشكل جيد و تزداد فرصة التحسن كلما كان المريض أكثر فهما لمشكلته و كل ما كان المحيطين به على وعى بحالته و استطاعوا عبور المحنة معاً بنجاح .

مع خالص تمنياتنا للجميع بالصحة و السعادة