على الرغم من التطور السريع فى شتى مناحى الحياة خاصة ما يتعلق بالتكنولوجيا التى اخترقت كافة تفاصيل الحياة اليومية من اجهزة اتصال متقدمة و وسائل نقل متطورة لم تكن متاحة فى عصور سابقة و ادوات تساعدك لانجاز المهام باقل وقت و جهد و تكلفة لكن الواضح أن هذا التطور الهائل صاحبه انتشار و تفشى للكثير من الاضطرابات النفسية المختلفة بين الشرائح العمرية المختلفة على مستوى العالم أجمع .

و مما يزيد من حجم المشاكل المترتبة على الاعراض و الاضطرابات النفسية المختلفة مسألة التأخر فى اكتشاف تلك الأعرض سواء من المريض نفسه او المحيطين به ثم مسألة المماطلة فى تلقى العلاج و هو أمر سنفرد له مقال كامل نستفيض فيه الشرح و الايضاح .

و فيما يلى مجموعة من أشهر الاعراض التى غالبا ما تدل على أن الشخص يعانى اضطراب نفسى بشكل ما يستدعى زيارة الطبيب النفسانى لأجل بحث حالته و توجيهه لتلقى العلاج السليم سواء كان علاج بالأدوية او الاساليب الأخرى مثل الجلسات النفسية او ربما الاثنين معاً .

1 – الكآبة / سوء المزاج ( عسر المزاج )

يعتبر الشعور بالاكتئاب واحدا من اشهر الاعراض النفسية و يقدر مرضى الاكتئاب بما يقارب 1% من سكان العالم و الاكتئاب له اعراض كثيرة أشهرها سوء المزاج و الذى قد يرجعه البعض لاسباب معينة تتعلق بمتاعب و صراعات الحياة و هو ما قد يكون غير صحيح فى كثير من الاحوال بدليل أن هناك من يتعرضون لنفس الضغوط الحياتية و لا تظهر عليهم اعراض الكآبة بذات الدرجة و الفيصل النهائى فى تلك الأمور هو ما اذا كانت تلك الحالة تتعارض مع قدرة الشخص على ممارسة حياته بصورة طبيعية ام أنا تسبب عائق فى تفاعله مع ما حوله بشكل سليم .

2 – الافراط فى النوم

و قد يكون الافراط فى النوم بسبب مشكلة عضوية او ارهاق جسدى شديد لكنه فى الوقت ذاته قد يكون هربا من الواقع الأليم الذى لا يستطيع الفرد ان يتحمله مثل اخفاق فى مشىء ما او التعرض لاحباطات متكررة دفعته لليأس و عدم القدرة على النهوض و مزاولة الحياة بحماس مرة أخرى .

3 – النهم فى تناول الطعام

غالبا ما يكون ذلك احد وسائل التعويض النفسى لتنشيط مراكز معينة فى المخ بشكل يطغى على احاسيس اخرى مثل الشعور بالندم او لوم الذات و غيرها و قد يكون بدافع الاكتئاب و قد يكون الافراط و النهم فى تناول الطعام احد اعراض مرحلة الهوس فى الإكتئاب ثنائى القطبين .

و قد يكون النهم و الافراط فى الأكل عرض ناتج عن الاصابة بمرض السكر او بعض الطفيليات المعوية و فى جميع الاحوال تكون النتيجة زيادة مفرطة فى الوزن يترتب عليها عدد لا نهائى من الامراض التى قد يصعب علاجها .

و حالة النهم فى تناول الطعام لا يمكن السكوت عليها و لا بد من استشارة طبيب لسرعة التعامل معها بشكل سليم سواء كانت اسباب نفسية أو غيرها .

4 – الأرق الشديد

كثيرا ما يعانى مرضى القلق من هذا العرض المقيت حيث يصبح من الصعب عليهم الدخول فى النوم بشكل جيد و السبب يعود الى شدة الخوف و انشغال الفكر بمسألة معينة تؤرقهم و تداهم مراكز التفكير بشكل مكثف لا يسمح للشخص ان يغوص فى النوم بسهولة . حتى بعد ان تستهلك قوى الجسم و تستنفذ فى تلك الصراعات و يدخل فى النوم غالبا ما تداهمه احلام مفزعة او كوابيس تجيل النوم الى جحيم فيستيقظ مفزوعاً لتتحول حياته بين رحى الأرق المؤلم و النوم المفزع .

قد يكون الأرق أيضا احد اعراض الاكتئاب و فى جميع الاحوال فإن الأرق و صعوبة النوم يعد بمثابة حالة لا يمكن السكوت عنها و لا بد من الاسراع نحو الطبيب و الا ستفقد حياتك بين تلك المشاعر المحزنة .

5 – الإنطواء و الانعزالية عن الحياة و الناس

هناك افراد بطبيعتهم يميلون للهدوء لكنهم لا يمانعون فى التواجد فى الاماكن العامة متى اقتضت الحاجة و التفاعل مع المعارف و الاصدقاء و زملاء العمل . و هناك آخرون من يتقوقعون داخل منازلهم لا يبرحونها الا للضرورة القصوى و قد لا يخرج من المنزل على الاطلاق و يقاوم اشد المقاومة و يمانع أن يظهر فى اى مكان عام او بين المعارف فى المناسبات من أفراح و اعياد ميلاد او حتى تقديم واجب العزاء و قد يكون ذلك سبباً فى العديد من المشاكل احدها ترك العمل .

غالبا ما يكون الانعزال واحداً ضمن اعراض الاكتئاب بانواعه او ضمن اعراض متلازمة ما بعد الصدمات النفسية او نتاج احباطات و خيبات أمل متوالية و كثيراً ما يكون مقترناً بحالة من السرحان ( القدرة على عدم التركيز ) و تشتت الفكر .

قد يساء فهم طبيعة هؤلاء الاشخاص بإعتبارهم متكبرون و احيانا يتم فهم ذلك السلوك انه قبيل الخجل و الذى يعتبره البعض أمر محمود و الفيصل هنا هو ما اذا كان الشخص قادر على التواجد بشكل لائق فى المحافل المختلفة متى استدعى الأمر دون ان يتصبب عرقا و يصاب بالتوتر و ما اذا كان لا يمانع من التواجد فى حال أن الأمر يمثل اهمية له من حيث العمل او العائلة و غيره .و فى النهاية يكون التقييم للطبيب النفسى و هو من سيقرر طبيعة الحالة و مدى احتياجها للدعم او العلاج النفسى .

ملاحظات هامة عن الاعراض النفسية :

  • الاعراض و الامراض النفسية لا تقل أهمية عن الأمراض العضوية و اهمالها يؤدى الى تفاقم الحالة .
  • الاعراض النفسية قد تؤدى الى الاصابة بأمراض عضوية فى مقدمتها امراض السكر و القلب (الاعراض النفس جسدية ) .
  • أى عرض يظهر على الفرد ليس له سبب عضوى واضح و يتعارض مع قدرة الانسان على التكيف مع ما حوله و قدرته على الاستمتاع بمباهج الحياة يمكن تصنيفه ضمن الاعراض النفسية التى تستدعى التدخل من طبيب متخصص .

و ختاما نقول :

إن الحياة و إن طالت قصيرة فلا تحرم نفسك منها بكثرة الهموم و الأحزان . و إن وجدت نفسك عاجزا عن الابحار فى الحياة بقوة و عزيمة فليس من الحرج على الاطلاق ان تطلب معونة الغير سواء كان أخ أو قريب او صديق او أى ممن تثق بهم و لا تتراخى او تتردد فى استشارة طبيب نفسى يأخذ بيدك و يدعمك فى مواجهة الأمواج العاتية حتى تستطيع العبور بعدها الى بر الأمان .

مع خالص تمنياتنا للجميع بالصحة و السعادة